فيه، وقد يتفق أن لا يحصل له ذلك إلى أن لا يبقى له شئ من المال وإلى أن يقامر على لحيته وأهله وولده، ولا شك أنه يبقى بعد ذلك فقيرا مسكينا ويصير من أعدى الأعداء لأولئك الذين كانوا غالبين له، فظهر أن الخمر والميسر سببان عظيمان في إثارة العداوة والبغضاء بين الناس، ولا شك أن شدة العداوة والبغضاء تفضي إلى أحوال مذمومة من الهرج والمرج والفتن وكل ذلك مضار لمصالح العالم. وأشار إلى المفاسد الدينية بقوله تعالى: " ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة (1).
قوله: " وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا " قيل: المراد كما أمرناك بعداوة قومك من المشركين فقد أمرنا من قبلك بمعاداة أعدائهم من الجن والإنس، ومتى أمر الله رسوله بسعادة قوم من المشركين فقد جعلهم أعداء له.
وقيل: معناه حكمنا بأنهم أعداء وأخبرنا بذلك ليعاملوهم معاملة الأعداء في الاحتراز عنهم.
وقيل: أي خلينا بينهم وبين اختيارهم العداوة لم نمنعهم من ذلك جبرا.
وقيل: إنه سبحانه لما أرسل إليهم الرسل وأمرهم بدعائهم إلى الاسلام وخلع الأنداد نصبوا عند ذلك العداوة لأنبيائه، فلذا أضاف تعالى إلى نفسه والمراد بشياطين الإنس والجن مردة الكفار من الفريقين.
وقيل: إن شياطين الانس الذين يغوونهم، وشياطين الجن الذين هم من ولد إبليس.
وقال الطبرسي رحمه الله: في تفسير الكلبي عن ابن عباس: ان إبليس جعل جنده فريقين فبعث فريقا منهم إلى الانس، وفريقا إلي الجن، فشياطين الإنس والجن أعداء الرسل والمؤمنين، فتلقى (2) شياطين الانس وشياطين الجن في كل حين فيقول بعضهم لبعض: أضللت صاحبي بكذا فأضل صاحبك بمثلها، فكذلك يوحي بعضهم إلى بعض،