عشر قوة، وكلها تدعو النفس إلى اللذات الجسمانية والطيبات الشهوانية، فعشرة منها الحواس الظاهرة والباطنة، واثنان: الشهوة والغضب، وسبعة هي القوى الكامنة وهي الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة والغاذية والنامية والمولدة؟ فمجموعها تسعة عشر، وهي بأسرها تدعو النفس إلى عالم الجسم وترغبها في طلب اللذات البدنية وأما العقل فهو قوة واحدة وهي التي تدعو النفس إلى عبادة الله تعالى وطلب السعادة الروحانية، ولا شك أن استيلاء تسع عشر قوة أكمل من استيلاء القوة الواحدة (1).
قوله تعالى: " إنه يراكم هو وقبيله " قال الطبرسي رحمه الله أي نسله، يدل عليه قوله: " أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني " وقيل: جنوده وأتباعه من الجن والشياطين " من حيث لا ترونهم " قال ابن عباس: إن الله تعالى جعلهم يجرون من بني آدم مجرى الدم، وصدور بني آدم مساكن لهم، كما قال: " الذي يوسوس في صدور الناس " فهم يرون بني آدم وبنو آدم لا يرونهم (2)، وإنما لا يراهم البشر لأن أجسامهم شفافة لطيفة يحتاج في رؤيتها إلى فضل شعاع.
وقال أبو بكر بن الأخشيد وأبو الهذيل: يجوز أن يمكنهم الله سبحانه فيتكثفوا فيراهم حينئذ من يحضرهم، وإليه ذهب علي بن عيسى، وقال: إنهم ممكنون من ذلك وهو الذي نصره الشيخ المفيد أبو عبد الله، قال الشيخ أبو جعفر قدس الله روحه: وهو الأقوى عندي، وقال الجبائي: لا يجوز أن يرى الشياطين والجن لأن الله تعالى قال: " لا ترونهم " وإنما يجوز أن يروا في زمن الأنبياء عليهم السلام بأن يكثف الله أجسادهم علما (3) للأنبياء كما يجوز أن يرى الناس الملائكة في زمن الأنبياء " إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون " أي حكمنا بذلك لأنهم يتناصرون على الباطل (4).
وقال الرازي: قال أصحابنا: إنهم يرون الانسان لأنه تعالى خلق في عيونهم