ويأخذ حظا من فضاء القصبة فيتسع وينفذ اللقمة بسهولة، فيكون تجويف القصبة حينئذ معينا للمرئ، عند الازدراد. وجعل الغشاء الداخلاني أصلب وأشد ملاسة ليقاوم حدة النوازل والنفوث الردية والدخان المردود من القلب، ولئلا يسترخي عن وقوع الصوت.
وإنما انقسمت في داخل الرئة أقساما كثيرة لينفذ فيها الهواء الكثير ويستعد فيها للقلب. ومنفعتها في إعداد الهواء للقلب مثل منفعة الكبد في إعداد الغذاء لجميع البدن. وإنما ضيقت فوهاتها لينفذ فيها النسيم إلى الشرايين المؤدية إلى القلب بالتدريج، وأن لا ينفذ فيها الدم فيحدث نفث الدم.
واما القلب فهو مؤلف من لحم وعصب وغضروف، وأوردة وشرايين تنبت منه ورباطات يتعلق هو بها، وغشاء ثخين يغشى به للوقاية غير ملاصق له إلا عند أصله لئلا ينضغط عند الانبساط. أما لحمه فصلب غليظ منتسج من ثلاثة أصناف: من الليف اللحمي الطويل الجاذب، والعريض الدافع، والمورب لتكون له أصناف الحركات والأفعال وصلابته لئلا ينفعل بالسرعة، وليكون أبعد عن قبول الآفات. وهو صنوبري الشكل، قاعدته إلى فوق ومنها تنبت الشرايين، وعرض ليكون في المنبت وفاء بالنابت. وغضروفه أساس له وثيق، وهو كالقاعدة له.
وله تجاويف ثلاثة تسمى البطون: اثنان منها كبيران، والثالث في الوسط صغير يسمى بالدهليز والأيمن وعاء لدم متين مشاكل لجوهره، والأيسر وعاء للروح والدم الرقيق. وخص بزيادة تصلب لعدم الامن من تحلل ما فيه وترشحه للطافة أحدهما ورقة الآخر، بخلاف الأيمن، والأوسط منفذ بينهما، له انضمام وانفراج بحسب انبساط القلب وانقباضه، بهما ينفذ كل من صنفي الدم فيه ويختلط أحدهما بالآخر ويعتدلان فيه، وقياسه من البطنين في المنفذية والتصرف قياس البطن الأوسط من الدماغ بين المقدم والمؤخر.
وللأيمن فوهتان يدخل من إحداهما العروق النابتة من الكبد وينصب منه (1)