* (قصة أبى البقاء قيم مشهد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام) * 8 - وفي سنة إحدى وخمس مائة بيع الخبز بالمشهد الشريف الغروي كل رطل بقيراط، بقي أربعين يوما، فمضى القوام من الضر على وجوههم إلى القرى، وكان من القوام رجل يقال له أبو البقاء بن سويقه، وكان له من العمر مائة وعشر سنين، فلم يبق من القوام سواه، فأضر به الحال، فقالت له زوجته وبناته: هلكنا امض كما مضى القوام فلعل الله تعالى يفتح شيئا (1) نعيش به، فعزم على المضي، فدخل إلى القبة الشريفة صلوات الله على صاحبها وزار وصلى، وجلس عند رأسه الشريف وقال: يا أمير المؤمنين لي في خدمتك مائة سنة ما فارقتك، ما رأيت الحلة و ما رأيت السكون (2)، وقد أضر بي وبأطفالي الجوع، وها أنا مفارقك ويعز علي فراقك، أستودعك (3) هذا فراق بيني وبينك. ثم خرج ومضى مع المكارية حتى يعبر إلى الوقف وسوراء (4)، وفي صحبته وهبان السلمي وأبو كردان (5) وجماعة من المكارية طلعوا من المشهد بليل، وأقبلوا (6) إلى أبي هبيش قال بعضهم لبعض:
هذا وقت كثير، فنزلوا ونزل أبو البقاء معهم، فنام فرأى في منامه أمير المؤمنين - عليه السلام وهو يقول له: يا أبا البقاء فارقتني بعد طول هذه المدة؟ عد إلى حيث كنت، فانتبه باكيا فقيل له: ما يبكيك؟ فقص عليهم المنام ورجع، فحيث رأينه بناته