هذه الزاوية، وكان شريكي في الخدمة شيخ كبير يقال له بقاء بن عنقود، فوضعه ودخلت فأشعلت لهم شمعة، وحركت القناديل، وزاروا وصلوا وطلعوا، وطلب عباس السيف فلم يجده، فسألني عنه فقلت له: مكانه، فقال: ما هو ههنا، فطلبه فما وجده (1) وعادتنا أن لا نخلي أحدا ينام بالحضرة سوى أصحاب النوبة، فلما يئس منه دخل وقعد عند الرأس وقال: يا أمير المؤمنين أنا وليك عباس، واليوم لي خمسون سنة أزورك في كل ليلة في رجب وشعبان ورمضان، والسيف الذي معي عارية، وحقك إن لم ترده علي ما رجعت زرتك أبدا، وهذا فراق بيني وبينك، ومضى، فأصبحت فأخبرت السيد النقيب السعيد شمس الدين علي بن المختار، فضجر علي وقال:
ألم أنهكم أن ينام أحد بالمشهد سواكم؟ فأحضرت المختمة الشريفة وأقسمت بها أنني فتشت المواضع وقلبت الحصر وما تركت أحدا عندنا، فوجد من ذلك أمرا عظيما وصعب عليه، فلما كان بعد ثلاثة أيام وإذا أصواتهم بالتكبير والتهليل، فقمت ففتحت لهم على جاري عادتي، وإذا العباس الأمعص والسيف معه، فقال: يا حسن هذا السيف فألزمه، فقلت: أخبرني خبره، قال: رأيت مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في منامي وقد أتى إلي وقال: يا عباس لا تغضب امض إلى دار فلان بن فلان، اصعد الغرفة التي فيها التبن، وبحياتي عليك لا تفضحه ولا تعلم به أحدا. فمضيت إلى النقيب شمس الدين فأعلمته بذلك، فطلع في السحر إلى الحضرة وأخذ السيف منه، وحلى له ذلك، فقال: لا أعطيك السيف حتى تعلمني من كان أخذه، فقال له عباس: يا سيدي يقول لي جدك: بحياتي عليك لا تفضحه ولا تعلم به أحدا وأخبرك؟! ولم يعلمه، ومات ولم يعلم أحدا من الآخذ السيف. وهذه الحكاية أخبرنا بمعناها المذكور القاضي العالم الفاضل المدرس عفيف الدين ربيع بن محمد الكوفي، عن القاضي الزاهد