اعلم أنا كنا عشرة أنفس قد تواخينا على الباطل وتوافقنا على قطع الطريق وارتكاب الآثام، وكانت بيننا نوبة نديرها في كل ليلة على واحد منا ليصنع لنا طعاما نفيسا وخمرا عتيقا وغير ذلك، فلما كانت الليلة التاسعة وكنا قد تعشينا عند واحد من أصحابنا وشربنا الخمر ثم تفرقنا وجئت إلى منزلي ونمت أيقظتني زوجتي وقالت لي: إن الليلة الآتية نوبتها عليك، ولا عندنا في البيت حبة من الحنطة، قال: فانتبهت وقد طار السكر من رأسي، وقلت: كيف أعمل؟ وما الحيلة؟
وإلى أين أتوجه؟ فقالت لي زوجتي: الليلة ليلة الجمعة، ولا يخلو مشهد مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام من زوار يأتون إليه يزورونه، فقم وامض واكمن على الطريق، فلا بد أن ترى أحدا فتأخذ ثيابه فتبيعها وتشتري شيئا من الطعام، لتتم مروءتك عند أصحابك! وتكافئهم على صنيعهم، قال: فقمت وأخذت سيفي وحجفتي (1) ومضيت مبادرا وكمنت في الخندق الذي في ظهر الكوفة، وكانت ليلة مظلمة ذات رعد وبرق، فأبرقت برقة فإذا أنا بشخصين مقبلين من ناحية الكوفة، فلما قربا مني برقت برقة أخرى فإذا هما امرأتان، فقلت في نفسي: في مثل هذه الساعة أتاني امرأتان، ففرحت ووثبت إليهما وقلت لهما: انزعا الحلي الذي عليكما سريعا، فطرحاه، فأبرقت السماء برقة أخرى فإذا إحداهما عجوز والأخرى شابة من أحسن النساء وجها كأنها ظبية قناص أو درة غواص، فوسوس لي الشيطان على أن أفعل بها القبيح، وقلت في نفسي: مثل هذه الشابة التي لا يوجد مثلها حصلت عندي في هذا الموضع وأخليها؟ فراودتها عن نفسها، فقالت العجوز: يا هذا أنت في حل مما أخذته منا من الثياب والحلي، فخلنا نمضي إلى أهلنا، فوالله إنها بنت يتيمة من أمها وأبيها وأنا خالتها، وفي هذه الليلة القابلة تزف إلى بعلها، و