صاحب المنصور قال: حضر أبو عبد الله (ع) مجلس المنصور يوما وعنده رجل من الهند يقرء كتب الطب وذكر الحديث إلى أن قال: فقال الصادق (ع): كان في الرأس شعب (1) لأن المجوف منه إذا كان بلا فصل، أسرع إليه الصداع فإذا كان ذا فصول كان الصداع منه أبعد وجعل الشعر من فوق ليوصل بوصوله (بأصوله ظ) الأدهان إلى الدماغ ويخرج بأطرافه البخار منه ويرد الحر والبرد الواردين عليه.
وخلت الجبهة من الشعر لأنها متصب (2) النور إلى العينين وجعل فيهما التخطيط والأسارير ليحبس العرق الوارد من الرأس عن العين قدر ما يميط الإنسان عن نفسه كالأنهار في الأرض التي تحبس المياه وجعل الحاجبان من فوق العينين ليوردا عليهما من النور، قدر الكفاية، ألا ترى يا هندي أن من غلبه النور، جعل يده بين عينيه ليرد عليهما قدر كفايتهما ليقسم النور قسمين إلى كل عين سواء وكانت العين كاللوزة ليجري فيها الميل بالدواء ويخرج منها الداء ولو كانت مربعة أو مدورة، ما جرى فيها الميل وما وصل إليها دواء ولا خرج منها داء.
وجعل ثقب الأنف في أسفله، لينزل منها الأدواء المنحدرة من الدماغ ويصعد فيها الروائح إلى المشام ولو كان في أعلاه لما نزل داء ولا وجد رائحة.
وجعل الشارب والشفة فوق الفم ليحبس ما نزل من الدماغ على الفم لئلا يتنغص على الإنسان طعامه وشرابه فيميط عن نفسه.
وجعلت اللحية للرجال، ليستغنى بها عن الكشف في المنظر ويعلم بها الذكر من الأنثى وجعل السن حادا لأن به يقع العض وجعل الضرس عريضا لأن به يقع الطحن والمضغ وكان الناب طويلا لتشد الأضراس والأسنان كالأسطوانة في البناء وخلا الكفان من الشعر لأن بهما يقع اللمس فلو كان بهما شعر، ما درى (3) الإنسان