(4) فصل خلق الله تعالى قبل آدم الجن والنسناس، وأسكنهم الأرض، فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء، فخلق آدم خليفة فيها وأسجد له الملائكة فأبى إبليس تعظما لقوله:
(خلقتني من نار وخلقته من طين (1)) ولم يدر أن الطين أنور من النار، لأن النار من الشجر الذي هو من الطين.
وعهد الله إلى آدم وإلى صور ذريته في السادة عليهم السلام، فعزم بعضهم أن ذلك كذلك فسموا أولي العزم، أي القوة، ثم ولد هابيل وقابيل، فلما تقربا تقبل من هابيل دون قابيل، فعاداه فقتله، فأولد الله لآدم شيث، وهو هبة الله فأوحى الله تعالى إلى آدم أني متوفيك فأوص إلى خير ولدك وهو هبة الله فإني لا أخلي الأرض من عالم أجعله على خلقي ففعل، وأوصاه أن يفعل مثل ذلك، إذا حضرته الوفاة، وأن يوصي من بعده إلى من بعده، وهكذا.
فلما قبض آدم أوحى الله إلى هبة الله أن: صل عليه وكبر خمسا، فصلى و كبر فجرت السنة، وكبر سبعين أخرى سنة بعدد صفوف الملائكة كلهم، ممن صلى خلفه، ودفن بأبي قبيس، ثم حمل نوح عظامه ودفنها بالغري، فقام هبة الله بأمر الله، فجاء قابيل إليه وتوعده أنه إن أظهر أنه وصي أبيه قتله.
فلما حضرت هبة الله الوفاة أوحى الله إليه أن يوصي إلى ريسان ابن نزله و هي الحورية التي نزلت إليه من الجنة، وروي أن اسمه ايونش ففعل، فلما حضرته الوفاة أوحى الله إليه أن يوصي إلى ابنه أمخوق وروي اسمه قينان ففعل، وظهر عوج بن عناق من ولد قابيل فأفسد في الأرض، فاشتدت المحنة على الشيعة، فلما حضرت أمخوق الوفاة أوحى الله إليه أن يوصي إلى ابنه مخليب ففعل، فقام بأمر الله متخفيا من عوج فلما حضرته الوفاة أوحى الله إليه أن يوصي إلى ابنه عميشا ففعل.
فلما حضرته الوفاة أوحى الله إليه أن يوصي إلى ابنه أخنوخ وهو إدريس