أحد بعد النبيين أفضل من أبي بكر، فكان يحسن منه تكذيب النبي صلى الله عليه وآله.
قالوا: قال ذلك تواضعا كقول النبي صلى الله عليه وآله: (لا تفضلوني على يونس) مع أنه أفضل منه ومن غيره.
قلنا: قياس باطل لأن النهي إنشاء لا يحتمل الصدق والكذب، بخلاف الجبر؟
وحينئذ نقول: إذا كان صادقا لم يصلح للإمامة، وإن كان كاذبا فكذلك، فالعذر بالتواضع فاضح غير واضح.
ثم نقول: إن كانت الإقالة محرمة فطلبها معصية، وإن كانت جائزة فما بال عثمان لما طلبوا خلعه اختار القتل دونها، وقد أبيحت كلمة الكفر وغيرها من المحرمات عند الخوف على النفس، فالخلع عنده أعظم من الكفر والقتل، وأبو بكر دعا إلى الخلع فكل منه ومن عثمان يكفر الآخر التزاما.
على أن الاختيار كان إلى الأمة في؟ معنى لطلبها خلع عثمان، بل لها عزله وإن كان إلى الإمام فلا معنى لطلب الآخر الإقالة، بل له عزل نفسه.
قالوا: نبه بذلك على أنه لا يبالي بخروج الأمر عنه قلنا: ظاهره الإقالة فلا يعدل عنه بغير دليل، ولو أراد غيره لقال: ما أكرهتكم على بيعتي ولا أبالي أن لا يكون هذا الأمر لي، وما أحسن ما قال في ذلك الجزري:
قال أقيلوني فما أقاله * الثاني فأي الرجلين أظلم مهدها لغيره في نفسه * بالله ما يفعل هذا مسلم وقد ذكرنا طرفا في آخر باب النصوص من الرسول صلى الله عليه وآله.
تذنيب سبب طلبه ما رواه أبان ابن عثمان عن ابن عباس أن عليا احتج عليه بمناقبه فنام فرأى النبي صلى الله عليه وآله في منامه، فسلم فأعرض بوجهه، وأمره أن يرد الحق إلى أهله، فصعد المنبر وبدأ في تفسير منامه، فقام الثاني وقال: ما دهاك؟ والله لا أقلناك فرد عزمه، وسيأتي ذلك تاما في باب المجادلة.