كلام عمر خفت أن تفترق، ولم يكن بيعة، دليل أنها وقعت لخوف لا لاستحقاق.
إن قيل: فأنتم أيضا أخذتم بأحد النقيضين قلنا: كونه خيرا لم يرد من طرقنا بل ما رويتم فيه فاسد عندنا، فما ألزمناكم لا يلزمنا.
إن قالوا: كيف يطعن عمر فيها، وهي أساس لخلافته بعدها قلنا: قد لا يقول إن خلافته بنص أبي بكر عليها، بل بالاجماع والبيعة فيها، لعدم البغتة والفجاءة كما كان في الذي قبلها.
قالوا: ليست الفلتة هي الزلة بل البغتة، لأن العرب تسمي آخر يوم من شوال فلتة، لأنها لا يدرك الثأر فيه بدخول القعدة لكونه من أشهر الحرم، فأراد عمر بالفلتة أنهم أدركوها بعد أن كادت تفوت، فجعلوا الفلتة فضيلة حتى قال الجاحظ لا يجوز أن يحبو الله بها إلا الأنبياء أو خليفة نبي.
قلنا: لا تخرج الزلة من اسم الفلتة، وإن احتملت البغتة فقد خصها بالزلة قوله: وقى الله شرها، وقول الجاحظ: أو هي من بيت العنكبوت، وإلا فأين الفلتة التي وقعت للأنبياء، ويلزم كون بيعة الرضوان وغيرها فلتة على أن قول عمر: فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه، يؤكد فساد ذلك. وكيف يقتل من يعود إلى سنة الله في الأنبياء، ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة﴾ (1) لا يقال: إنما قال ذلك لأنها من خصائصهم وخلفائهم، فلم تحز لغيرهم لأنا نقول: بيعة الإمام ليست لغيرهم وإن لم تكن فلتة على أنه قد كان بعد عمر خليفة فعلى قوله: لو عاد إلى مثلها قتل، وعلى قول الجاحظ: لا يقتل فتناقضا.
قالوا: قوله: وقى الله شرها، تصويب لها لأن المراد وقى شر الاختلاف قلنا: هذا عدول عن الظاهر، لأنه أضاف الشر إليها دون غيرها ولهذا أمر بقتل من عاد إلى مثلها.
قالوا: المراد من عاد إلى بيعة من غير ضرورة ولا مشاورة فاقتلوه قلنا:
المثلية تقتضي وقوع الثانية على وجه وقوع الأولى، وليس المعروف من الفلتة ما