ومنها: قول عمر في حقه: كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه (1)، وليس في الذم والتخطئة أبلغ من ذلك.
قالوا: معلوم ضرورة رضاؤه ببيعته قلنا: لم يرض بها إلا لكونها سببا إلى استخلافه، كما قال له علي عليه السلام: احلب حلبا لك شطره، ولكونها دافعة لما هو أضر منها في زعمه، وهو بيعة علي عليه السلام، ولو ملك الاختيار لكان مصيرها إلى نفسه أقر لعينه.
وقد أسند الهيثم ابن عدي إلى سعيد بن جبير قول عمر لما استأذنه عبد الرحمن ابن أبي بكر: دويبة سوء، ولهو خير من أبيه، فقال عبد الرحمن بن عمر: هو خير من أبيه؟ منكرا عليه، فقال: فمن ليس خير من أبيه لا أم لك، ثم قال لابنه: أنت في غفلة عما كان من تقدم أحمق بني تيم علي وظلمه لي، ثم تجاسر عمر وتكلم بالفلتة.
وأسند أيضا: قول الشعبي: لقد كان في صدر عمر ضب على أبي بكر، فقال رجل أزدي له: ما سمعنا رجلا أقول بالجميل من عمر في أبي بكر، فقال: كيف صنع بالفلتة أترى عدوا يقول مثلها في عدوه؟ يريد يهدم بها ما بنى لنفسه وأسند شريك إلى أبي موسى الأشعري أنه اجتمع والمغيرة بن شعبة عند عمر فكلمهما في أبي بكر بعد استكتامهما، فقال: لقد تقدمني ظالما، وخرج إلي منها آثما، لأنه لم يخرج إلا بعد اليأس منهما، ولو أطعت زيد بن الخطاب لم يتلمظ بشئ من حلاوتها، ولكني نقضت [وأبرمت] دابره، فلم أجد بدا إلا الاغضاء عنها قال المغيرة: فما منعك من السقيفة وقد عرضك لها؟ قال: إنما كان ذلك عند إقبال الناس عليه وقد عرف انصرافهم عني فأن يعرف ما عندي، فلم آمن غائلته بعد ذلك بي، فرددتها عليه بعد ذلك، فالتمع وجهه سرورا، ومن يقول ذلك كله فيه.
ثم رووا أنه قال فيه: إنه خير الناس بعد رسول صلى الله عليه وآله فمن قال غير ذلك فهو مفتر، فأخذوا بأحد النقيضين بالهوى، وتركوا الآخر ميلا عن الهدى، وفى