إن قلت: فيلزم أن يكون عند علي بعض علم القرآن لذلك وحينئذ فلا فضيلة له لأن قليلا من علماء الاسلام إلا ويعلم بعضه، قلت: الأفضلية في التفاوت وإلا لخلا تقييده في الآية عن الفائدة، ولأنه لا مانع في القرآن من الحمل على كله، بخلاف ما في اللوح المحفوظ لما ذكرتم.
وقد أخرج البيهقي ما رواه صاحب الوسيلة من قول النبي صلى الله عليه وآله: (من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب). فقد اجتمع فيه ما تفرق فيهم فهو أفضل من كل واحد منهم.
وقد استدل الرازي في المعالم بمثل هذا على تفضيل النبي على الأنبياء، عند قوله تعالى (فبهداهم اقتده (1)) قالوا: آتى الله نوحا السفينة وانتصر فأغرق قومه، ونجا إبراهيم من ناره ومن الملك الذي هم بزوجته، وانتصر له بهلاك نمروده، وأعطى موسى العصا و اليد البيضاء وسلط الآيات التسع على أعدائه، وانتصر له بهلاك فرعون، ونفخ في عيسى من روحه ورزقه يبرئ ذوي العاهات، وانتصر له من أعدائه برفعه إلى السماوات، ولم ينتصر لعلي من معاوية وابن ملجم، فليس له كرامة تقابل واحدة من معجزات الأنبياء، وهو وإن كان له المنزلة العالية لكن أين درجة الولاية من درجة النبوة السامية.
قلنا: ما ذكرتم من كرامات الأنبياء فهو حق لكن لا يلزم من فقدها عن علي أفضليتهم عليه، وإلا لزم أفضليتهم على النبي حيث لم يحصل له مثلها، و أنتم جعلتم عدم مثلها موجبا لعدم أفضلية فاقدها، ولا يبعد أفضلية الولاية على النبوة كما في الخضر وموسى وقد أخرج أبو نعيم في كتاب الفتن في حق المهدي أن عيسى وزيره، وقال بعض علماء الطريقة: بداية النبوة نهاية الولاية، وقال آخرون