ألقى في هويتها مثاله، فأظهر عنها أفعاله، وخلق الانسان ذا نفس ناطقة، إن زكاها بالعلم فقد شابهت جواهر أوايل عللها، وإذا اعتدل مزاجها وفارقت الأضداد فقد شارك بها السبع الشداد.
وأما المهندسون فقد روي أن رجلين مرا بعبد مقيد فقال أحدهما: إن كان وزن قيده كذا فامرأته طالق، وقال الآخر بخلافه، فسألا سيده أن يحله فأبى حله، فارتفعا إلى عمر فأمرهما باعتزال نسائهما، وبعث إلى علي فوضع رجليه بالقيد في إجانة وصب الماء عليه، ثم رفع ووضع الحديد مكانه، ثم أخرج الحديد ووزنه، ثم أخرج القيد ووزنه فتعادلا، فتعجب منه عمر.
وفي المصالت: جاء رجل بآخر وقال: هذا احتلم بأمي، فقال: أوقفه في الشمس واضرب ظله، وفي التهذيب قال له رجل: حلفت أن أزن الفيل، فأدخل الفيل قرقورا (1) وعلم الماء ثم أخرجه ووضع القصب، فلما وصل الماء إلى العلامة أخرجه ووزن القصب، وقال: هذا وزن الفيل.
وأما الحساب فذكر الشيخ في النهاية وغيره مسألة الأرغفة وهي مشهورة ووجدنا أن انسانا سأله من الكسور التسعة فقال: هي مضروب أيام أسبوعك في أيام سنتك.
وأما أصحاب الكيمياء فسئل في أثناء الخطبة: هل لها كون؟ فقال: لها كون وهي كائنة، قالوا: مم هي؟ قال: في الزيبق الرجراج، والأسرب والزاج، و الحديد المزعفر، وزنجار النحاس الأخضر، قيل: زدنا. قال: اجعلوا البعض أرضا والبعض ماء، وافلجوا الأرض بالماء، وقد تم، قيل: زدنا. فقال: لا زيادة إن القدماء الحكماء ما زادوا لئلا يتلاعب الناس به: وفي كلام آخر له: إن الكيمياء أخت النبوة، وعصمة المروة، ما في الأرض من شئ إلا وفيه منه أصل وفرع إني لأعلم به من العالمين، إنه في الزيبق الرجراج، والذهب والزاج، والحديد المزعفر، وزنجار النحاس الأخضر، تكون إصباغ لا يؤتى على عابرها، يصلح بعضه ببعض، فتفتر عن ذهب كاين، وصبغ غير متباين.