ولم يذوقوا الثلاثة إلا الماء فأتى علي بالحسنين وبهما ضعف إلى النبي صلى الله عليه وآله فبكى فنزلت سورة (هل أتى على الانسان حين من الدهر) (1).
قال الجاحدون: السورة مكية فكيف تتعلق بما كان في المدينة؟ قلنا: ذكر الرازي في الأربعين، وابن المرتضى، والزمخشري، والقاضي في تفاسيرهم و الفراء في معالمه، والغنوي في شرح طوالعه، والواحدي، وعلي بن إبراهيم، و أبو حمزة الثمالي، وأسنده أحمد الزاهد، والحسكاني أنها مدنية، وكذا عن عكرمة، وابن المسيب، والحسن بن أبي الحسن البصري، ونحو ذلك قال خطيب دمشق الشافعي، وأورد القضية بجزئياتها الثعلبي وفي آخرها: بكى النبي صلى الله عليه وآله وقال: وا غوثاه يا الله أهل بيت محمد يموتون جوعا، فهبط جبرائيل و قال: خذ ما هناك الله في أهل بيتك، ثم أقرأه (هل أتى).
وزاد محمد بن علي صاحب الغزالي في كتابه البلغة أنه نزلت عليهم مائدة فأكلوا منها سبعة أيام، وعد أبو القاسم الحسين بن حبيب وهو من شيوخ الناصبية في كتاب التنزيل، ما نزل بالمدينة وهو تسعة وعشرون سورة وذكر هل أتى منها ولم يذكر خلافا فيها، ويقرب منه ما ذكره هبة الله المفسر البغدادي في الناسخ و المنسوخ، بل ذلك قد شاع وذاع، وقرع جميع الأسماع، وأنشد فيه:
أنا مولا لفتى * أنزل فيه هل أتى آخر (2):
إلام ألام وحتى متى * أفند في حب هذا الفتى فهل زوجت فاطم غيره * أفي غيره أنزلت هل أتى