ما قدروا، ولكن أنا أحملك، فاقتلعه من الأرض بيده ورفعه حتى بان بياض إبطيه وقال: ما ترى؟ قال: أرى أن الله قد شرفني بك حتى لو أردت أن ألمس السماء للمستها، فلما رمى بها صرخ النبي من تحت علي فترك رجليه، فسقط على الأرض فضحك قال: مم تضحك؟ قال: سقطت من أعلى الكعبة فما أصابني شئ، قال:
كيف يصيبك وإنما حملك محمد، وأنزلك جبرائيل.
فهذا الحديث مجمع عليه، يتبين فضيلة علي منه، والمخالف يبطل ترجيحه بذلك، ويرجح أبا بكر بإخباره بموضع قبر النبي بخبر رواه، وبإخباره بأنه يجوز عليه الموت مع اشتهار قوله تعالى: (إنك ميت وإنهم ميتون. وكل نفس ذائقة الموت (1)) وأيضا إذا ادعيتم أن النبي لم يقصد الفضيلة لعلي بحمل علي لزمكم أنه صلى الله عليه وآله لم يقصد الفضيلة لأبي بكر بصحبة أبي بكر، وقد روي أن الثلاثة هبطوا عن مقام النبي في المنبر وعلي صعد إليه فتكلم الناس فيه فقال: سمعت النبي يقول: (من قام مقامي ولم يعمل بعملي أكبه الله في النار وأنا والله العامل بعمله والحاكم بحكمه).
قلت: فمن أقام الاسلام بحسامه، ووضع رجله من النبي على ختامه، كيف ينكر عليه الصعود إلى مقامه، قال الناشي:
وكسر أصناما لدى فتح مكة * فأورث حقدا كل من عبد الوثن فأبدت له عليا قريش عداوة * فأصبح بعد المصطفى الطهر في محن يعادونه أن أخفت (2) الكفر سيفه * وأضحى به الدين الحنيفي قد علن قال المخالف: روت أهل السنة أن النبي ليلة الهزيمة كان يحمل أبا بكر في الرمل لأن قدم النبي لا يؤثر فيه وأبو بكر يحمل النبي في الصخر لأن قدم النبي تؤثر فيه. قلنا: الحديث المجمع عليه، فيه: (لو أن ربيعة ومضر جهدوا على أن يحملوا مني بضعة وأنا حي ما قدروا) ينفي ويكذب ما قدرووا ولو فرضت