ومن طريف ما رووه في المعنى الموصوف ما هو موجود في خزانة الكتب بالرباط المعروف بتربة الاختلاطية (1) بالجانب الغربي من بغداد في ورقة من رق ملصقة بآخره كتاب أعلام الرسول تأليف المأمون من خلفاء بني العباس وتاريخ الكتاب المذكور شوال سنة إحدى وخمسين ومأتين ما نسخته عن الحكم بن مروان عن جبير بن حبيب قال: نزلت بعمر بن الخطاب نازلة قام لها وقعد وتريح وتعظوا (2)، ثم قال: يا معشر المهاجرين ما عندكم فيها؟ فقالوا:
يا أمير المؤمنين أنت المفرع والمترع، فغضب ثم قال: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا أما والله إني وإياكم لنعرف أين بجدتها الخبير بها فقالوا: كأنك أردت ابن أبي طالب قال: وأنى يعدل بي عنه وهل طفحت حرة بمثله قالوا: لو بعثت إليه قال: هيهات هنات شمخ من بني هاشم ولحمة من رسول الله " ص " وأثرة من علم يؤتى إليه ولا يأتي، امضوا بنا إليه فانصفوا وافضوا نحوه وهو في حائط له عليه تبان يتوكأ على مسحاته وهو يقول " أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى " (3) ودموعه تجري على خديه، فأجهش القوم لبكائه، ثم سكن وسكنوا وسأله عمر عن مسألة فأصدر إليه جوابها، فلوى عمر يديه ثم قال: والله لقد أرادك الحق ولكن أبى قومك. فقال له: يا أبا حفص خفض عليك من هنا ومن هنا إن يوم الفصل كان ميقاتا، فانصرف عمر وقد اظلم وجهه كأنما ينظر من ليل.
(قال عبد المحمود): هذا يوضح لأهل التوفيق والتصديق أن عمر والصحابة كانوا يعرفون أن علي بن أبي طالب عليه السلام أحق بالأمر على التحقيق،