(قال عبد المحمود): فما أرى نبيهم قال لعامر بن الطفيل إن ذلك إلى اختيار الأمة، فإذا كان الأمر في تعيين من يكون قائما مقام نبيهم إلى الله وحده يجعله حيث يشاء وإن ذلك ليس إلى غير الله، فكيف انفردوا باختيارهم من يقوم مقامه؟ وجعلوا لأنفسهم ما لم يجعله الله لهم ولا لنبيهم؟ إن ذلك من عجائب المناقضات.
[(قال عبد المحمود): واعلم أيضا أني اعتبرت كتبهم في الزهد في ذكر ترك العصبية، فرأيتهم موافقين مع الإمامية في أن اختيار الإمام من الله تعالى، وإن كانوا مخالفين لهم في العلة وهي اعتقادهم أنهم مجبورون.
فمن ذلك ما ذكره الغزالي في كتاب منهاج العابدين عند التفويض قال: وأما التفويض فتأمل فيه في أصلين، أحدهما أنك تعلم أن الاختيار لا يصلح إلا لمن كان عالما بالأمور بجميع جهاتها ظاهرها وباطنها وحالها وعاقبتها، وإلا فلا يا من أن يختار الفساد والهلاك على ما فيه الخير والصلاح. ألا ترى أنك لو قلت لبدوي أو قروي أو راعى غنم أنقد لي هذه الدراهم وميز لي بين جيدها ورديها، فإنه لا يهتدي لذلك بيقين وكذا لو قلت لسوقي غير صراف فربما هو أيضا لم يهتد، فلا تأمن إلا أن تعرضه على صيرفي خبير بالذهب والفضة وما فيهما من الخواص والأسرار، والعلم المحيط بجميع الوجوه لا يصلح إلا لله رب العالمين، فلا يستحق أحد أن يكون له الخيرة والتدبير إلا الله وحده لا شريك له. فلذلك قال الله تعالى " وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة " (1) هذا لفظ الغزالي.
وهذا مذهب الإمامية كثرهم الله تعالى وبعض حجتهم في أن اختيار الأئمة عليهم السلام راجع إلى الله تعالى، فكيف يحسن من هؤلاء الأربعة المذاهب