أن يقبل عليه في ذلك شهادة مسلم، ولو أن مسلما ادعى عليه مثل هذا وجب أن يحكم عليه بالردة أو نحوها ويستتاب، الحمد لله على التنزه مما حصل لهؤلاء في رسوله، ونسأله أن يوفقنا لمراضيه.
ومن ذلك ما رواه الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين أيضا في الحديث الثالث من أفراد مسلم من مسند رافع بن خديج قال: قدم نبي الله " ص " المدينة وهم يأبرون النخل فقال: ما تصنعون؟ قالوا: كنا نصنعه قال: لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرا منه، فتركوه فنفضت أو فنقصت ثمارها قال: فذكروا ذلك له. فقال: إنما أنا بشر مثلكم إذا أمرتكم بشئ من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشئ من رأى فإنما أنا بشر (1).
ومن مسند طلحة بن عبد الله في الحديث الثالث من أفراد مسلم قال:
مررت مع رسول الله " ص " بقوم على رؤس النخل، فقال ما يصنع هؤلاء؟
فقالوا: يلقحونه يجعلون الذكر في الأنثى فقال رسول الله " ص ": ما أظن يغني ذلك شيئا قال: فأخبروا بذلك فتركوه، فأخبر بذلك رسول الله " ص " فقال: إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه فإني إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به فإني لن أكذب على الله عز وجل (2).
(قال عبد المحمود): كيف صدقوا مثل هذا الحديث وصححوه وقد شهدوا في عدة مواضع أن نبيهم " ص " ما كان بصفة من يخفى عليه مثل هذا الأمر الذي ما يخفى على الصبيان والنساء، وأنه ما تربى ولا عاش إلا مع قوم يعرفون عادة النخل في التلقيح، ولو لم يكن تربى معهم فإن هذا ما هو من الأمور الخفية على الخلائق، ولو كان ذلك قد خفى عليه ما كان بصفة من يستعجل السؤال والتحقيق، وكيف يفعل ذلك من يتضمن كتابه إنه ما ينطق عن الهوى؟