فانتهى إلى سباطة قوم، فبال قائما فتنحيت فقال: ادنه فدنوت حتى قمت عند عقبيه فتوضأ فمسح على خفيه. وفي رواية حتى فرغ (1).
(قال عبد المحمود): انظر أيدك الله إلى قوم رووا في كتبهم إن نبيهم علم الناس الآداب في البول والخلاء وسائر الأمور الدينية والدنيوية، وإنه لا يبول قائما كما يفعله السفهاء ويتباعد عن الناس وقت بوله ثم يصدقون ويصححون أنه بال قائما كما يفعل السفهاء والأراذل، والله ما بلغ أعداؤهم إلى هذه الحال، وإني سمعت جماعة من أهل الملل يشهدون أن محمدا " ص " ما كان بهذه الصفات، وإنه كان مؤدبا منزها عن هذه الأمور المنقصات.
ثم العجب من هذا الحديث أن حذيفة يعلم أن الأدب في التباعد عن نبيهم فكيف يقال أن النبي " ص " أمره بالدنو منه عند عقيبه وأن يترك الأدب، ثم وأي غرض يمكن أن يكون للنبي في الاطلاع عليه عند هذه الحال، أما استحيى أما خاف أهل الإسلام في رواية هذا المحال.
ومن ذلك ما رواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين أيضا في الحديث الخامس والخمسين من أفراد البخاري من مسند أبي هريرة قال: وأتى النبي " ص " بني حارثة فقال أراكم يا بني حارثة قد خرجتم من الحرم، ثم التفت فقال: بل أنتم فيه (2).
(قال عبد المحمود): يا لله وللعقول كيف يقول هؤلاء عن رجل ذكروا أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ولو لم يأت في قرآنهم هذه الآية فإن نبيهم ما كان بصفة من يستعجل في أمر قبل تحقيقه، فكيف صدقوا وصححوا أنه قال ما ليس بحق ثم رده على نفسه وكشف لهم عن غلطه؟ وهل كان يجوز