ومن ذلك قول أيوب عليه السلام " رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين " (1).
فكيف صدق هؤلاء الأربعة المذاهب أن نبيهم يأتي بهذه الصفة العظيمة في الرحمة عن الله ويقول عن أرحم الراحمين إنه خلق خلقا لم يعصوه فيما مضى ولا يعصونه فيما يستقبل ولم يجعل لهم اختيارا في أنفسهم كما زعمت المجبرة بل كلما يقع منهم فإنه منه، ثم يحملهم إلى النار ليعذبهم على غير الذنب أبد الأبدين ويقول هؤلاء إلى النار ولا أبالي، أن لا يليق ذكره من رحيم فكيف من أرحم الراحمين.
ويدل على بطلان هذا الخبر ما رواه هؤلاء القوم في صحاحهم عن ثقات رجالهم.
فمن ذلك ما رواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث الحادي والعشرين من أفراد مسلم في مسند عمر بن الخطاب قال: قدم على رسول الله " ص " بسبي، فإذا امرأة من السبي تسعى، إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا رسول الله " ص ": أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟ قلنا: لا والله وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال رسول الله: الله أرحم بعباده من هذه المرأة بولدها (2).
(قال عبد المحمود): من يروي مثل هذا الخبر في وصف الله تعالى بهذه الرأفة والرحمة كيف يصدق قائلا ينقل هؤلاء إلى النار ولا أبالي على ما فسروه.
ومن ذلك ما رواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين أيضا في الحديث السادس عشر من المتفق عليه من مسند أبي هريرة من حديث عطاء بن أبي رياح عن أبي هريرة عن النبي " ص " قال: إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة