فكيف يصح على قولكم أن يوثق منه إنه فعل المعجزات للتصديق؟ أو كيف يبقى لأحد منكم طريق إلى أن الله تعالى فعل شيئا من أفعاله سبحانه لغرض من الأغراض، فما أقبح هذه المكابرة منكم.
ثم ولو قدرنا أنه يترجح في نفوسكم إن المعجزات للتصديق فمن أين لكم إن ذلك الترجح علم ضروري؟
أليس في مقدور الله تعالى أن يكون قد ركب في طبائعكم وعقولكم على ما قد وصفتموه به من الاضلال للعباد والتلبيس عليهم؟ وإذا كان عندكم أن التلبيس يقع منه فلا تأمنوا أن يجعل اعتقادكم الباطل كأنه علم ويكون قد أضلكم بذلك، أولستم تجدون النائم يرى في منامه كان جسده في بلاد بعيدة وكأنه في مهمات ومسار وأكدار ويكون في حال نومه معتقدا لذلك حتى كأنه عالم علما ضروريا، ثم لما استيقظ عرف أن ذلك ما كان علما ضروريا ولا ظنا صحيحا ولا ممكنا، فلعلكم في الحياة نيام وكلما تعتقدونه يكون محالا وتلبيسا أو أضلكم الله به كما ذكرتم عنه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وهذا ما يلزم إلا من قال بقولكم واعتقد اعتقادكم، وأما غيركم من المسلمين الذين يعتقدون أن الله على أكمل غاية من العدل والحكمة فإنهم يعلمون أن عدله وحكمته يقتضي عدم التلبيس على عباده ويمنعه سبحانه أن يظلمهم.
وأما أنتم أيها المجبرة وكل من وصف الله تعالى بذلك واعتقد فيه أنه يضل العباد ويلبس عليهم وعلم أنه سبحانه قادر على كل مقدور فإنه يلزم لهذا القائل المجبر ألا يثق بشئ من عقائده ولا أحواله وظنونه ولا شكوكه، فقد ظهر لكل عاقل أن المجبرة لا طريق لهم إلى شئ من العلوم البديهية ولا المكتسبة ولا إلى معرفة الثواب ولا الشرائع ما داموا على اعتقادهم، وأنهم إما ناقصوا