ومن طرائف ما رأيت في كتبهم وسمعته عنهم إن المجبرة قالوا: متى اعتقدوا إن أفعالهم منهم صار العباد شركاء الله تعالى فاقتضى التعظيم لله أن يكون الأفعال كلها من بني آدم وغيرهم من الله.
فأقول: أيها القوم سود الله وجوهكم كما سودتم وجه ما وهبكم الله من البصائر أي شركة يكون لعبد لم يكن شيئا مذكورا فأوجده الله بعد العدم، وأي تعظيم لله في أن ينتسب خسائس العبيد ورذائلهم إليه، ومتى كانت العقول تشهد أن الملك يتكمل بأن يكون همته كهمة عبده وتدبيره مثل تدبير عبده، وأي نسبة بين جلالة الله وحقارة عبده حتى يتكمل سبحانه بنسبة أفعالهم القاصرة وتدبيراتهم الناقصة إليه.
ومن عجيب ما يفهمونه ويتفوهون به أن يقال لهم: عرفونا مرادكم بقولكم إن العبد يصير شريكا لله، فإن أردتم ما ادعيتموه من الكسب فأنتم قد أثبتم الشركة على قولكم بين العبد وبين الله عند من ذهب منكم إلى ذلك، فلأي حال عدلتم عن الانكار على أنفسكم وعدتم إلى قول من يقول أن العبد مستقل بالفعل ولم يجعل الفعل مشتركا بينه وبين الله تعالى، وأما من ذهب منكم إلى أنه لا فاعل سوى الله تعالى فقد تقدم وسيأتي من الجواب له ما لا يقدر على دفعه بحجة أبدا.
وإن قصدتم بالرد على أهل العدل التمويه منكم بأنه إذا انفرد الله تعالى بأفعال نفسه وانفرد العباد بأفعالهم إن ذلك يكون شركة، فما عرفنا أن العقل يقتضي أن مع الانفراد في الأحوال والأعمال يكون شركة في تلك الأفعال في حال انفراد كل فاعل بفعله، ولولا سوء توفيقكم وفساد طريقكم ما كان هذا مما ينسبه عاقل إلى نفسه.
وإن كان مرادكم بطريق إن العبد يقع منه فعل الرب، فلو فكرتم عرفتم أن