العقول أو مكابرون وأنهم لا دين لهم وإن الذي يظهرونه من الأديان إما تقية أو على غير قاعدة مرضية.
قال الخوارزمي: - وهو من أعيان علماء الإسلام - في كتابه الفائق: فأما المجبرة فإن شيوخنا كفروهم، وإن قاضي القضاة حكى عن الشيخ أبي علي أنه قال: المجبر كافر، ومن شك في كفرهم فهو كافر. ثم شرح تصديق القول وتحقيقه.
ومن طرائف ما تعتقده المجبرة إنهم يعتقدون إنه يجوز من الله في عقولهم مع عدله وحكمته أن يجمع الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين وعباده الصالحين فيخلدهم في الجحيم والعذاب الأليم أبد الأبدين، ويجمع الكفار والملحدين والزنادقة والمنافقين والأباليس والشياطين ويخلدهم في الجنة والنعيم أبد الأبدين، وزعموا أن ذلك يكون إنصافا منه وعدلا وركبوا في ذلك مكابرة وجهلا، ولعل قد كان للمجبرة سلف في عقولهم نقص أوجب مثل هذا الاعتقاد وجاء الخلف مقلدا للسلف ومحبا للمنشأ وسنة الآباء، فإن كان ذلك كذلك فأي عذر للمتأخرين من الأحباء والأبناء في اتباع السلف والآباء على الضلال في أمر لا يخفى على أدنى العقلاء.
وإن كانت المجبرة قصدت بقولها إن أفعالهم من فعل الله تعالى فيهم وأنهم بريئون منها بحيث لا يلومهم العقلاء على يقع منهم من القبائح والفضائح والظلم والعدوان وحتى يعذرهم الأنبياء في ترك القبول منهم، فقد كان للمجبرة في غير الله متسع أن يعبدوا كل من أرادوه، ما أحسن ما يقرؤنه في كتابهم " ما قدروا الله حق قدره " (1) ولا كان هذا قدر جلالته وعظمته ولا جزاء لإحسانه ونعمته.