فيهما غير الصدق وهما أخص بنبيهم " ص " وأعرف بأسراره وأخباره، ولا سيما أن البخاري ومسلما ذكرا في صحيحيهما إن هذا القول جرى من عمر للعباس وعلي عليه السلام بمحضر مالك بن أوس وعثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد، وما عرفنا أن أحدا ذكر عن العباس وعلي عليه السلام أنهما اعتذرا إلى عمر من هذا القول ولا نقل من أحد من هؤلاء الجماعة الذين سمعوا من عمر أنهم اعتذروا لعلي والعباس من هذا الاعتقاد في أبي بكر وعمر، وهذا من عجيب ما اعترف بصحته رجال أربعة المذاهب وقبحوا به ذكر خليفتيهم وشهدوا عليهما بالمطاعن والمعايب.
ومن طريف الأمور أن يدعى أحد من الأربعة المذاهب إن قد كان بين علي عليه السلام والعباس منازعة في ميراث نبيهم.
وأول ما يقال في ذلك: إنه لا يجوز تصديق رجال الأربعة المذاهب في الطعن على بني هاشم ولا في ما يقتضي نقصا ولا تفريقا بينهم، لأن الأربعة المذاهب فارقوا التمسك بأهل البيت الذين رووا في صحاحهم أن رسولهم محمدا " ص " أمرهم بالتمسك بهم وتظاهروا بالبعد عنهم، فلا يقبل العقل والنقل شهادة العدو المتهم على من يعاديه ظلما ويميل عليه تعديا.
وأما ثانيا فإن العلماء بالتواريخ وغيرهم رووا أن العباس وسائر بني هاشم كانوا مع علي عليه السلام بعد وفاة نبيهم " ص " كنفس واحدة وقد تقدم ذكر بعض ذلك من صحاحهم عند ذكر تأخرهم مع علي عليه السلام عن بيعة أبي بكر وعند ذكر اجتماعهم لما أراد أبو بكر وعمر تحريق علي والعباس بالنار.
وروى جماعة العلماء أن العباس سأل عليا عليه السلام أن يمد يده ليبايعه بالخلافة عقيب وفاة نبيهم، فاعتذر إليه بقلة الناصر لهما وخوف ارتداد كثير من المسلمين، وطمع الكفار في الإسلام وإن الله أمره بالصبر كما جرت عليه