بعينها فيكم، مع خلال كثيرة لم أكن أظن أن إبليس اهتدى إليها ولا أمر بالعمل عليها، وقد أخبر الله في كتابه العزيز عن قوم صالح إنه كان فيهم تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون فأيكم ليس معه تسعة وتسعون من المفسدين في الأرض قد اتخذتموهم شعارا ودثارا استخفافا بالمعاد وقلة يقين بالحساب، وأيكم له رأى يتبع أو روية تنفع فشاهت الوجوه وعفرت الخدود.
وأما ما ذكرتم من العثرة كانت في أبي الحسن عليه السلام نور الله وجهه فلعمري إنها عندي للنهضة والاستقلال الذي أرجو به قطع الصراط، والأمن والنجاة من الخوف يوم الفزع الأكبر، ولا أظن عملت عملا هو عندي أفضل من ذلك إلا أن أعود بمثلها إلى مثله، وأين لي بذلك وأنى لكم بتلك السعادة.
وأما قولكم إني سفهت آراء آبائكم وأحلام أسلافكم، فكذلك قال مشركوا قريش " إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون " (1) ويلكم إن الدين لا يؤخذ إلا من الأنبياء، فافقهوا وما أراكم تعقلون.
وأما تعييركم إياي بسياسة المجوس إياكم فما أذهبكم الآنفة من ذلك ولو ساستكم القردة والخنازير ما أردتم إلا أمير المؤمنين، ولعمري لقد كانوا مجوسا فأسلموا كآبائنا وأمهاتنا في القديم، فهم المجوس أسلموا وأنتم المسلمون الذين ارتدوا، فمجوسي أسلم خير مسلم ارتد، فهم يتناهون عن المنكر ويأمرون بالمعروف، ويتقربون من الخير ويتباعدون من الشر، ويذبون عن حرم المسلمين، يتباهجون بما نال الشرك وأهله من النكر، ويتباشرون بما نال الإسلام وأهله من الخير، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، وليس منكم إلا لاعب بنفسه مافون (2) في عقله وتدبيره، إما مغن أو ضارب دف أو زامر.