وقد تقدم ما يدل على أن عائشة لم يكن بيت تملكه بالمدينة، وإذا كن الزوجات ساكنات في بيوت الأزواج فيقال للنساء على سبيل الاستعارة والمجاز أنها بيوتهن لأجل سكناهن بها كما يقال بيت النملة وبيت الدواب ونحو ذلك وإن كانت النملة ونحوها لا تملك بيتا ولا شيئا، وقد تضمن كتابهم تصديق ذلك فقال: " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة " (1) ومعلوم أن البيوت كانت للأزواج، فلو كانت البيوت للمطلقات ما جاز إخراجهن منها سواء أتين بفاحشة أو لم يأتين، فبطل أن يكون البيوت لنساء نبيهم على كل حال، وإن دعوى عائشة لذلك كان ظلما لا يحل بحبلة محتال.
375 - وذكر الحميدي في الجمع بين الصحيحين من المتفق عليه من مسند عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري عن النبي " ص " أنه قال: ما بين بيتي ومنبري روضة رياض الجنة (2).
وما قال نبيهم: ما بين بيت عائشة ومنبري.
وروى الحميدي أيضا هذا الحديث بألفاظه عن نبيهم في مسند أبي هريرة في المتفق عليه في الحديث السابع عشر بعد المائة (3).
(قال عبد المحمود): ورأيت هذا الحديث في صحيح مسلم من نبيهم " ص " في المجلد الثاني بلفظ آخر وهو: ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة.
وفي جميع ذلك يقول: بيتي ولم يقل بيت عائشة، أفتراهم لا يصدقونه في قوله إنه بيته أو يجعلون دعوى عائشة في البيت أصدق من قول نبيهم وأصدق من تزكية الله تعالى له.