فأذن لي يا إلهي، حتى أكيده وأبتليه، لتعلم كيف صبره، فأذن له.
فتصور له في صورة أفعى لها عشرة رؤوس، فطلع عليه وهو يصلي في محرابه، قد حدد أنيابه، محمر الأعين، فتطاول في المحراب، فلم يرهب منه، ولا فكر فيه، ولا نكس طرفه إليه، فانخفض على الأرض.
وأقبل على أنامل رجلي علي بن الحسين يكدمها (1) بأنيابه، وينفخ عليها بنار حرقة، وهو لا يكسر طرفه، ولا يحول قدما عن قدم من مقامه، ولا يدخله شك ولا هم، وهو في صلاته وقراءته، كما هو لم يتغير.
فلم يلبث إبليس لعنه الله، إذ نقض عليه شهاب من السماء ليحرقه، لما أحس به صرخ وإلى جانب علي بن الحسين (عليه السلام) في صورته الأولى، وقال:
الإجارة يا بن رسول الله، أنا إبليس ولقد شاهدت من عبادة النبيين والمرسلين من قبلك، من أبيك آدم إليك.
فلم أر مثل عبادتك، ولوددت لو استغفرت لي، فإن الله تعالى لعله أن يغفر لي ثم مضى وتركه في صلاته، ولم يشغله كلامه ولا فعاله، حتى قضى صلاته على تمامها. (2)