ذلك قال له ابن الكواء: ويلك يا أسود، قطع يمينك وأنت تثنى عليه هذا الثناء كله؟! قال: وكيف لا أثني عليه، وقد خالط حبه لحمي ودمي والله ما قطعها إلا بحق أو جبه الله علي. قال: فدخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقلت له: يا سيدي، رأيت عجبا! قال: وما رأيت؟ قال: صادفت أسودا وقد قطعت يمينه، فأخذها بشماله ويده تقطر دما فقلت له: يا أسود، من قطع يمينك؟
فقال: سيدي أمير المؤمنين، وأعدت عليه القول وقلت له: يا ويلك قطع يمينك، وأنت تثني عليه هذا الثناء كله؟!
قال لي: مالي لا أثني عليه، وقد خالط حبه لحمي دمي، والله ما قطعها إلا بحق أوجبه الله علي.
قال: فالتفت أمير المؤمنين إلى ولده الحسن (عليه السلام) وقال له: قم هات عمك الأسود، قال: فخرج الحسن (عليه السلام) في طلبه، فوجده في موضع يقال له: كندة فجاء به إلى أمير المؤمنين، فقال له: يا أسود، قطعت يمينك وأنت تثني علي؟
فقال: يا أمير المؤمنين، ما لي لا أثني عليك، وقد خالط حبك لحمي ودمي، والله ما قطعتها إلا بحق علي مما ينجيني من عقاب الآخرة.
فقال (عليه السلام): هات يدك، فناوله إياها فأخذها ووضعها في الموضع الذي قطعت منه، ثم غطاها بردائه، وقام يصلي (عليه السلام) ودعا بدعوات لم ترد، وسمعناه يقول آخر دعائه:
آمين، ثم شال الرداء ثم قال: انضبطي كما كنت أيتها العروق واتصلي.
قال: فقام الأسود، وهو يقول:
آمنت بالله، وبمحمد رسول الله، وبعلي الذي رد اليد القطعاء بعد تخليتها من الزند