النيسابوري في روضة الواعظين أنه قال عروة بن الزبير: سمع بعض التابعين أنس بن مالك يقول: نزلت في علي بن أبي طالب (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما) الآية. قال الرجل: فأتيت عليا وقت المغرب فوجدته يصلي ويقرأ القرآن إلى أن طلع الفجر ثم جدد وضوئه وخرج إلى المسجد وصلى بالناس صلاة الفجر ثم قعد في التعقيب إلى أن طلعت الشمس ثم قصده الناس فجعل يقضي بينهم إلى أن قام إلى صلاة الظهر فجدد الوضوء ثم صلي بأصحابه الظهر ثم قعد في التعقيب إلى أن صلى بهم العصر ثم كان يحكم بين الناس ويفتيهم إلى أن غابت الشمس.
وفى تفسير القشيري انه كان (ع) إذا حضر وقت الصلاة تلون وتزلزل فقيل له مالك! فيقول: جاء وقت أمانة عرضها الله تعالى على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها وحملها الانسان في ضعفه فلا أدري أحسن إذا ما حملت أم لا.
عروة ابن الزبير قال: تذاكرنا صالح الاعمال فقال أبو الدرداء: أعبد الناس علي بن أبي طالب سمعته قائلا بصوت حزين ونغمة شجية في موضع خال: إلهي كم من موبقة حلمتها عني فقابلتها بنعمتك وكم من جريرة تكرمت علي بكشفها بكرمك إلهي ان طال في عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي فما انا مؤمل غير غفرانك ولا انا براج غير رضوانك ثم ركع ركعات فأخذ في الدعاء والبكاء فمن مناجاته إلهي أفكر في عفوك فتهون علي خطيئتي ثم اذكر العظيم من اخذك فتعظم علي بليتي، ثم قال:
آه ان انا قرأت في الصحف سيئة انا ناسيها وأنت محصيها فتقول خذوه فياله من مأخوذ لا تنجيه عشيرته ولا تنفعه قبيلته يرجمهم البلاء إذا اذن فيه بالنداء آه من نار تنضج الأكباد والكلى آه من نار لواعة للشوى آه من غمرة من ملهبات لظى، ثم أنعم (ع) في البكاء فلم اسمع له حسا فقلت غلب عليه النوم أوقظه لصلاة الفجر فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة فحركته فلم يتحرك فقلت انا لله وانا إليه راجعون مات والله علي بن أبي طالب، قال: فأتيت منزله مبادرا أنعاه إليهم فقالت فاطمة (ع) ما كان من شأنه؟ فأخبرتها فقالت: هي والله الغشية التي تأخذه من خشية الله تعالى ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه فأفاق ونظر إلي وانا أبكي فقال: هم بكاؤك يا أبا الدرداء فكيف ولو رأيتني ودعي بي إلى الحساب وأيقن أهل الجرائم بالعذاب واحتوشني ملائكة غلاظ وزمانية فظاظ فوقفت بين يدي الملك الجبار قد أسلمتني الأحباء ورحمني أهل الدنيا أشد رحمة لي بين يدي من لا يخفى عليه خافية.
واخذ زين العابدين (ع) بعض صحف عباداته فقرأ فيها يسيرا ثم تركها من