الدبر)، كان لموسى عصا ولمحمد ذو الفقار، خلف موسى هارون في قومه وخلف محمد عليا في قومه: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، وكان لموسى اثنا عشر نقيبا ولمحمد اثنى عشر إماما، كان لموسى انفلاق البحر في الأرض فانفلق فكان كل فرق ولمحمد انشقاق القمر في السماء وذلك أعجب (اقتربت الساعة وانشق القمر)، العصا بلغت البحر فانفلق (فاضرب بعصاك البحر) وأشار بالإصبع إلى القمر فانشق، وقال موسى: (رب اشرح لي صدري) وقال الله له: (ألم نشرح لك صدرك)، وقال لموسى وهارون: (وقولا له قولا لينا) وقال لمحمد: (واغلظ عليهم ولا تطع كل حلاف)، وأعطى الله موسى المن والسلوى وأحل الغنائم لمحمد ولامته ولم يحل لاحد قبله، وقال في حق موسى: (وظللنا عليهم الغمام) يعني في التيه، والنبي صلى الله عليه وآله كان يسير الغمام فوقه، وكلم الله موسى تكليما على طور سيناء، وناجى الله محمدا عند سدرة المنتهى، وكان واسطة بين الحق وبين موسى ولم يكن بين محمد وربه أحد (فأوحى إلى عبده)، وليس من مشى برجليه كمن اسرى بسره، وليس من ناداه كمن ناجاه، ومن نودي من بعد كمن نوجي من قرب، ولم يكلم موسي إلا بعد أربعين ليلة، ومحمد كان نائما في بيت أم هاني فعرج به، ومعراج موسى بعد الموعود ومعراج محمد بلا وعد، واختار موسى قومه سبعين رجلا واختير محمد وهو فريد، ولم يحتمل موسى ما رآه (فخر موسى صعقا) واحتمل محمد ذلك (لقد رأى من آيات ربه)، معراج موسى نهارا ومعراج محمد ليلا، معراج موسى على الأرض ومعراج محمد فوق السماوات السبع، اخبر بما جرى بينه وبين موسى، وكتم ما جرى بينه وبين محمد (فأوحى إلى عبده ما أوحى)، قوله: (ولما جاء موسى لميقاتنا) كأنه جاء من عند فرعون، (لقد جاءكم رسول) كأنه جاء من عند الله، وقال لموسى:
(وأوحينا إلى موسى وأخيه ان تبوءا لقومكما بمصر بيوتا) وأخرج النبي صلى الله عليه وآله من مسجده ما خلا العترة، وفي هذا تبيان قوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى.
قال حسان:
لئن كلم الله موسى على * شريف من الطور يوم الندا فان النبي أبا قاسم * حبي بالرسالة فوق السما وقد صار بالقرب من ربه * على قاب قوسين لما دنا وإن فجر الماء موسى لهم * عيونا من الصخر ضرب العصا فمن كف أحمد قد فجرت * عيون من الماء يوم الظلما