فحولت القبة إلى السفح وحوتها الصحابة، فلما أمسوا فقدوا عليا (ع) فقالوا في ذلك فقال صلى الله عليه وآله: أراه في بعض ما يصلح شأنكم، فلو يلبث أن جاء رأس الرامي وهو غرور اليهودي، وأخذ من النبي عشرة فيهم أبو دجانة وسهل بن حنيف فما لبث أن جاء بتسعة رؤس فطرح في آبارهم، وفي تلك الليلة قتل كعب بن الأشرف، ثم حاصرهم نيفا وعشرين يوما وأمر بقطع نخلات، قوله (ما قطعتم من لينة أو تركتموها) وهي البويرة في قول حسان:
وهان على سراة بني لوي * حريق بالبويرة مستطير ثم أمسك عن قطعها بمقالهم واصطلحوا أن يخرجوا، قوله: (هو الذي أخرج الذين كفروا) فخرجوا إلى اذرعات وأريحا وخيبر وحيرة، وجعل لكل ثلاثة منهم بعيرا واصطفى أموالهم، وكانت أول صافية قسمها بين المهاجرين الأولين وهم ثلاثة:
أبو دجانة وسهل بن حنيف وحارث بن الصمة، وأمر عليا (ع) فحاز للنبي صلى الله عليه وآله فجعله صدقة وكان في يده حال حياته وفي يد علي بعده وهو الذي في أيدي ولد فاطمة عليها السلام إلى اليوم.
(غزوة بني لحيان) في جمادى الأولى وكان بينهما الرمي بالحجارة وصلى فيها صلاة الخوف بعسفان، ويقال في ذات الرقاع مع غطفان، سميت بذلك لأنه جبل يقع فيه حمرة وسواد وبياض، ويقال لان ستة نفر من أصحاب الصفة كانوا حفاة وكانوا يلفون الخرق على أقدامهم من شدة الطريق وتسقط منهم الرقاع والخرق، وكان ذلك بعد النضير بشهرين. قال البخاري: بعد خيبر، ولم يكن حرب سنة خمس في شوال (غزوة الخندق) وهي الأحزاب، قوله (إذ جاؤكم من فوقكم) أي من قبل المشرق (ومن أسفل منكم) أي من المغرب، إلى قوله (غرورا) فخرج إليه أبو سفيان بقريش، والحارث بن عوف في بني مرة، ووبرة بن طريف ومسعود بن جبلة في أشجع، وطليحة بن خويلد الأسدي في بني أسد، وعيينة بن حصن الفزاري في غطفان وبني فزارة، وقيس بن غيلان وأبو الأعور السلمي في بني سليم، ومن اليهود حي بن أخطب، وكنانة بن الربيع وسلام بن أبي الحقيق وهوذة بن قيس الوالي؟
في رجالهم، فكانوا ثمانية عشر الف رجل، والمسلمون في ثلاثة آلاف، فلما سمع النبي باجتماعهم استشار أصحابه فاجتمعوا على المقام بالمدينة وحرضهم على اتقائها، وأشار سلمان بالخندق فأقاموا بضعا وعشرين ليلة لم يكن بينهم حرب إلا مرامات، فلما رأى النبي ضعف قومه استشار سعد بن معاذ وسعد بن عبادة في المصالحة على ثلث ثمار المدينة