أبصر بها إلى وجه سيدي رسول الله، فكان أول معجزة النبي صلى الله عليه وآله في المدينة انه وضع كفه على وجه أم أبي أيوب فانفتحت عيناها.
محمد بن إسحاق في خبر طويل عن كثير بن عامر انه طلع من الأبطح راكب ومن ورائه سبع عشرة ناقة محملة ثياب ديباج على كل ناقة عبد اسود يطلب النبي الكريم ليدفعها إليه بوصية أبيه فأومى ابن أبي البختري إلى أبي جهل وقال: هذا صاحبك، فلما دنا منه قال: ما أنت بصاحبي، فما زال يدور حتى رأى النبي فسعى إليه وقبل يديه ورجليه فقال له النبي: ألست أنت ملجأ ناجي بن المنذر السكاكي؟ قال: بل يا رسول الله قال: فأين السبع عشرة ناقة محملة ذهبا وفضة ودرا وياقوتا وجواهرا ووشيا وملحما وغير ذلك؟ قال: هي ورأي مقبلة، فقال: هي سبع عشرة ناقة على كل ناقة عبد أسود عليهم أقبية الديباج ومناطيق الذهب وأسماؤهم محرز ومنعم وبدر وشهاب ومنهاج وفلان وفلان؟ قال: بلي يا رسول الله قال: سلم المال وأنا محمد بن عبد الله، فأورد المال بجملته إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال أبو جهل: يا آل غالب إن لم تنصفوني وتنصروني عليه لأضعن سيفي في صدري وهذا المال كله للكعبة، وركب فرسه وجرد سيفه ونفرت مكة أقصاها وأدناها حتى أجابت أبا جهل سبعون الف مقاتل، وركب أبو طالب في بني هاشم وبني عبد المطلب وأحاطوا بالنبي ثم قال أبو طالب: ما الذي تريدون؟ قال أبو جهل: ان ابن أخيك قد جنى علينا جنايات عظيمة ويحق للعرب أن تغضب وتسفك الدماء وتسبي النساء. قال أبو طالب: وما ذاك؟ فذكر قصة الغلام وأن محمدا سحره ورده إلى دينه وأخذ منه المال وهو شئ مبعوث للكعبة، فقال:
قف حتى أمضي إليه وأسأله عن ذلك، فلما أتى النبي صلى الله عليه وآله وسأله رد ذلك وقال:
لا أعطيه حبة واحدة، قال: خذ عشرة واعطه سبعة، فأبى ثم أمر صلى الله عليه وآله أن توقف الهدية بين يديه وتناديها سبع مرات فان كلمتها فالهدية هديتها وان كلمتها أنا وأجابتني فالهدية هديتي، فأتى أبو طالب وقال: ان ابن أخي قد أجابك إلى النصفة، وذكر مقال النبي والميعاد غدا عند طلوع الشمس، فأتى أبو جهل إلى الكعبة وسجد لهبل ورفع رأسه وذكر القصة ثم قال: أسألك أن تجعل النوق تخاطبني ولا يشمت بي محمد وأنا؟ أعبدك من أربعين سنة وما سألتك حاجة فان أجبتني هذه لأضعن لك قبة من لؤلؤ أبيض وسوارين من الذهب وخلخالين من الفضة وتاجا مكللا بالجوهر وقلادة من العقيان، ثم إن النبي صلى الله عليه وآله حضر وكان منه المعجزات أن أجابته كل ناقة سبع؟
مرات وشهدت بنبوته بعد عجز أبي جهل فأخذ المال.