وأخص بالولاية قديما قد قدم مع المهدي حتى وصل معه إلى طرابلس. ثم أرسله المهدي إلى أخيه مقدما بين يديه، وهو يومئذ ببلد كتامة، وكان عزم المهدي أن يقصد قصد أبي عبد الله، وأراد أن يعرفه ذلك فظهر على أبي العباس بالقيروان.
وعلم أنه أخو أبي عبد الله، وبأنه قدم مع المهدي فعاقبه [على] ذلك وأخرجه إلى جهة قسطنطينة. فلم ير المهد ي أن يقصد إلى أبي عبد الله خوفا على أبي العباس أن يعلم بحقيقة أمره فيقتل. فحمل نفسه على المكروه، وسار إلى سجلماسة، وكتب إلى أبي عبد الله بذلك، وكان أبو العباس ردئ السيرة. ولما ثار مدلج على زيادة الله خرج أهل السجن وخرج أبو العباس فيمن خرج وتوجه راجعا إلى المشرق، فلحقه زيادة الله في وقت هروبه بطرابلس، وقبض عليه ثم خلاه. ولما اجتمع مع أبي عبد الله أحدث نفاقا واستفسد رجال الدولة بعد أن صار المهدي إلى إفريقيا، ووسوس إلى أخيه أبي عبد الله واستفسده، وأراد أن يكون الأمر والنهي والاصدار والايراد لهما دون المهدي، وأن يكون المهدي كالمولى عليه معهما. وكان أبو عبد الله قد عود شيوخ المياميين قبل ذلك أمور عشائرهم بأيديهم والأموال التي أفاء الله بها على وليه في أيديهم. فلما وصل المهدي قبض ذلك، وصار إليه، وانفرد بالامر كما أفرده الله به، وأخل أبو العباس الشيوخ من هذا الوجه، ويشبه عليهم دل أكثرهم عليه، وعاقده على الوثوب على المهدي كما تعاقد المنافقون على الوثوب على رسول الله صلى الله عليه وآله من قبله، فكلما عقدوا عقدا انحل في أيديهم، وكلما أبرموا أمرا أحله الله عليهم، وإذا دخلوا إليه ليخاطبوه بما أبرموه وتوثبوا عليه أفحموا عما أرادوا أن يقولوه، وغلت أيديهم عنه، وهو في ذلك قد علم أمرهم فلم يرعه ذلك ولا غير شيئا من حاله، وكانوا يدخلون إليه بسلاحهم فلا يحجبهم، ولا يتعديهم، ولم يبق له على الوفاء بما أخذ له عليهم إلا قليل منهم حتى شتت الله أمرهم، ومحقهم، وقتل من قتل منهم، ثم هرب من هرب منهم عن بابه، ولحقوا ببلد كتامة، وأقاموا وغدا من أوغادهم يدعون إليه، وأحدقوا دعوة، واستحلوا فيها المحارم، وأتوا فيها بالعظائم، فأخرج