فقال: شمس الأرض: يعني المهدي على ما قدمنا شرحه وما جاءت به الروايات في ذلك.
وقوله: مقرونا إليها هلالها. فالهلال الذي ذكرناه ولي عهده القائم من بعده، وما علمنا أحدا قبله. ذكر مثل ذلك ولحق مما قال بإمامته وظفر بالزلفى لديه به كما ذكرنا عنه. وبما أخبرنا به بعض من أدركنا من شيوخ إفريقيا ممن كان يصحب ولاتها الأغالبة وأقاربهم. وكان الغالب عليهم التشيع. وكان من جملتهم أعني الغالبة رجل يقال له: يعقوب بن المصا، فأخبرنا من أدركه وصحبه ممن كان يجامعه على التشيع أنه كانت له ضيعة بالساحل، وبالقرب من الجزيرة التي ابتنيت مدائن من بعد، فكان إذا خرج إلى ضيعته يأتي هذه الجزيرة، فيصلي فيها، ويمشي بها، وينظر إليها، ويقول: هذه والله صفة الجزيرة التي يقال إن المهدي يبتني فيها مهدية، وما أعلم ساحل إفريقيا الذي يقال إن المهدي يبني فيها مدينة موضعا هو أشبه بما وصف من هذه الجزيرة. وكان ابن أحمد المعروف بالحلواني قديم الاختلاف إلى حصون الرباط الساحل من وقت حداثته للرباط والحرس. ثم بعد ذلك حصن المفسر منها واشتهر ذكره، وترأس به فكان يحدث أنه أتى مرة قصر جمة الذي هو بقرب الجزيرة التي بنيت بها المهدية.
قال: وكان لهذا القصر رجل فاضل متعبد يقال له: سليمان الغلفاني، وكان يغشاه ليتبارك به، فأتيناه مرة، فأقمنا بقصر جمة مختلف إليه وكانت الجزيرة بنيت بها المهدية بقرب هذا القصر ينزل بها الروم في فوارن بحلوها ويستترون، فيختطفون ما قدروا عليه من الناس والأموال.
قال: وكان المرابطون إذا نزلوا قصر جمة في وقت اجتماعهم للمشي بالعدة على ساحل البحر يدخلون هذه الجزيرة ويختبرون أن لا يكون فيها أحد من العدو.
قال: فدخلناها مرة مع الغلفاني، فاختبرناها فلم نجد فيها أحدا. ثم سرنا مع الغلفاني إلى غار كان فيها بالموضع الذي ابتنى فيه المهدي قصره، فاختبرناه فلم