المدينة وأنه يتواعده بسوء وكان يقول عليه السلام: لم أر مثل التقدم في الدعاء له لان العبد [ليس يحضره] الإجابة في كل [وقت] فجعل يكثر من الدعاء لما اتصل به عن مسرف.
وكان من دعائه: رب كم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قل لك عندها صبري، فكم من معصية أتيتها فسترتها علي ولم تفضحني. يامن قل له عند نعمته شكري، فلم يحرمني، [و] يا من قل له عند بليته صبري فلم يخذلني ويا من رآني على المعاصي فلم يفضحني. يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا، [و] يا ذا النعم التي لا تحصى عددا، صل على محمد وعلى آل محمد وبك أدفع نحره وبك أستعيذ من شره.
فلما قدم مسرف إلى المدينة أرسل إلى علي بن الحسين وعنده مروان بن الحكم، وقد علم ما ذكره من وعيده، فجعل يغريه به، فلما دخل عليه، قام إليه، فاعتنقه وقبل رأسه، وأجلسه إلى جانبه، وأقبل عليه بوجهه ليسأله عن حاله وأحوال أهله، فلما رأى ذلك مروان جعل يثني على علي بن الحسين عليه السلام ويذكر فضله.
فقال مسرف: دعني عن كلامك، فاني إنما فعلت ما فعلت من بره واكرامه وقضاء حوائجه ما قد أمرني به أمير المؤمنين.
ثم قال لعلي بن الحسين عليه السلام: إنما جعلت الاجتماع معك لما سبق إليك عني لان لا تستوحش مني، وأنا أحب الاجتماع معك والانس بك، والتبرك بقربك، والنظر فيما تحب من صلتك وبرك وأنا على ذلك، لكني أخاف أن يستوحش أهلك إن طال عندي مقامك، فانصرف إليهم ليسكنوا ويعلموا ويعلم الناس مالك عند أمير المؤمنين وعندي من الجميل.
ثم قال: قدموا دابته.