قال: قدم بنا على يزيد بن معاوية لعنه الله بعدما قتل الحسين عليه السلام ونحن اثنا عشر غلاما ليس منا أحد إلا مجموعة يداه إلى عنقه وفينا علي بن الحسين. فقال لنا يزيد: صيرتم أنفسكم عبيدا لأهل العراق، ما علمت بمخرج أبي عبد الله حتى بلغني قتله.
(كذب عدو الله بل هو الذي جهز إليه الجيوش وقد ذكرت خبره فيما مضى).
فتلا علي بن الحسين: " ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير.
لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور " (1).
فأطرق مليا وجعل يعبث بلحيته وهو مغضب ثم قرأ " ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " (2). ثم قال: يا أهل الشام ما ترون في هؤلاء؟
فقال قائلهم: قد قتل (3) ولا تتخذ جروء من كلب سوء.
فقال النعمان بن بشير: انظر ما كنت ترى أن رسول الله صلى الله عليه وآله يفعله فيهم لو كان حيا، فافعله.
فبكى يزيد، فقالت فاطمة بنت الحسين عليه السلام: يا يزيد ما تقول في بنات رسول الله صلى الله عليه وآله سبايا عندك.
فاشتد بكاؤه حتى سمع ذلك نساؤه، فبكين حتى سمع بكاؤهن من كان في مجلسه.