كالمستهزئ بقوله، فرجع أبو عبد الله (عليه السلام) إلى داره، فلم يزل ليله كله قائما وقاعدا حتى إذا كان السحر، سمع وهو يقول في مناجاته: يا ذا القوة القوية، ويا ذا المحال الشديدة، ويا ذا العزة التي كل خلقك لها ذليل، اكفني هذا الطاغية وانتقم لي منه، فما كان الا ساعة حتى ارتفعت الأصوات بالصياح وقيل: قد مات داود بن علي الساعة (1).
وروى ابن شهرآشوب قتل داود المعلى، ودعاء الصادق (عليه السلام) عليه وهلاكه، عن الأعمش والربيع وابن سنان وعلي بن أبي حمزة والحسين بن أبي العلا وأبي المغرا وأبي بصير قريبا مما مر، ثم قال: وفي رواية لبانة بنت عبد الله ابن العباس: بات داود تلك الليلة حائرا قد أغمي عليه، فقمت افتقده في الليل فوجدته مستلقيا على قفاه وثعبان قد انطوى على صدره وجعل فاه على فيه، فأدخلت يدي في كمي فتناولته، فعطف فاه إلي، فرميت به فانساب في ناحية البيت، وانتبه داود، فوجدته حائرا قد احمرت عيناه، فكرهت ان أخبره بما كان وجزعت عليه، ثم انصرفت فوجدت ذلك الثعبان كذلك، ففعلت به مثل الذي فعلت في المرة الأولى وحركت داود فأصبته ميتا، فما رفع جعفر (عليه السلام) رأسه من سجوده حتى سمع الواعية (2).
الشيخ المفيد في الإختصاص بإسناده عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن حماد بن عثمان، عن المعلى بن خنيس، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) في بعض حوائجه، فقال لي: مالي أراك كئيبا حزينا؟ فقلت: ما بلغني من امر العراق وما فيها من هذه الوباء فذكرت عيالي، فقال: أيسرك ان تراهم؟ فقلت: وددت والله، قال: فاصرف