الدفتر الذي أخرجه إلى حمدويه وقوله: إذا شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا، صريح في الرخصة، وقول حمدويه في روايته الأخرى: كتبت أحاديث محمد بن سنان عن أيوب بن نوح، واضح الدلالة على روايته له أحاديث ابن سنان.
فلو كانت الرواية محرمة غير جائزة كما ذكره لم يستقم ذلك،: ظني أن الرجل قد أصابته آفة الشهرة، فغمض عليه بعض من عانده وعاداه بالأسباب القادحة من الغلو والكذب ونحوهما، حتى شاع ذلك بين الناس واشتهر، ولم يستطع الأعاظم الذين رووا عنه، كالفضل بن شاذان، وأيوب بن نوح، ونحوهما، دفع ذلك عنه، فحاولوا بما قالوا رفع الشيعة عن أنفسهم، كما يشهد به صدور هذه الكلمات المتدافعة عنهم.
ثم سرى ذلك إلى المتأخرين الذين هم أئمة الفن، مثل الكشي، والنجاشي، والمفيد، والشيخ، وابن شهرآشوب، والسيدين الجليلين ابني طاووس، والعلامة، وابن داود، وغيرهم، فضعفه طائفة، ووثقه أخرى (١)، واضطرب آخرون، فاختلفت كلمتهم فيه كما علمت ذلك مما نقلناه عنهم مفصلا، وفي أقل من هذا الاختلاف والاضطراب ما يمنع التعويل والاعتماد على ما قالوه، فبقيت الوجوه التي ذكرناها أولا سالمة عن المعارض، وعاد المدح من بعضهم عاضدا ومؤيدا لها، واستبان من الجميع أن الأصح توثيق محمد بن سنان.
ومن طريف ما اتفق لبعض العارفين، أنه تفأل لاستعلام حال محمد بن سنان من الكتاب العزيز فكان ما وقع عليه النظر قوله تعالى: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ (2) والله أعلم بأسرار عباده (3).