فهذا كله ذلك النبي وأصله وهو فرعه، وهو دعاني إليه، ودلني عليه، وعرفنيه، وأمرني به، وأوجب علي له الطاعة فيما أمرني به، لا يسعني جهله، وكيف يسعني جهله ومن هو فيما بيني وبين الله، وكيف يستقيم لي لولا أني أصف أن ديني هو الذي أتاني به ذلك النبي أن أصف أن الدين غيره، وكيف لا يكون ذلك معرفة الرجل وإنما هو الذي جاء به عن الله، وإنما أنكر الذي من أنكره بأن قالوا: " أبعث الله بشرا رسولا " (1) ثم قالوا: (أبشر يهدوننا فكروا " (2) بذلك الرجل وكذبوا به " وقالوا لولا انزل عليه ملك " (3) فقال: " قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس " (4).
ثم قال في آية أخرى: " ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون * ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا " (5) تبارك الله تعالى، إنما أحب أن يعرف بالرجال، وأن يطاع بطاعتهم، فجعلهم سبيله ووجهه الذي يؤتى منه، لا يقبل الله من العباد غير ذلك، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وقال فيمن أوجب حجته لذلك: " من يطع الرسول فقد أطاع الله رمن يتولى فما أرسلناك عليهم حفيظا " (6).
فمن قال لك: إن هذه الفريضة كلها إنما هي رجل وهو يعرف حد ما يتكلم به فقد صدق، ومن قال على الصفة التي ذكرت بغير الطاعة، لا يعني التمسك في الأصل بترك الفروع، لا يعني بشهادة أن لا إله إلا الله وبترك شهادة أن محمدا رسول الله.