وتثبيته ذلك في الذهن لكونه أمرا مستبعدا بين الناس، فلذلك قال: لا أستطيع أتكلم به في الناس، أو قال ذلك تعجبا وفزعا، ثم استبعادهم لا وجه له لأنه من استحضر أن نسبة الكائنات إلى قدرة الله سبحانه سواء لا يستغرب شيئا من ذلك، وقال بعض المعاصرين: تكلم القرآن عبارة عن إلقائه على السمع ما يفهم منه المعنى، وهذا هو معنى حقيقة الكلام، ولا يشترط صدوره من لسان لحمي، وكذا تكلم الصلاة فإن من أتى بالصلاة بحقها أو حقيقتها نهته الصلاة عن متابعة أعداء الدين وغاصبي حقوق الأئمة الراشدين الذين من عرفهم عرف الله، ومن ذكرهم ذكر الله، وفيه أن التكلم بهذا المعنى لا يستبعده أحد.
(فقال: نعم يا سعد) أي نعم القرآن يتكلم فقوله (والصلاة تتكلم) عطف على الجملة الدالة عليها نعم (ولها صورة وخلق تأمر وتنهى) الظاهر أن لها صورة كصورة الإنسان وخلقا كخلقهم، إلا أنها لا ترى في هذه الدار لكونها دار كمون ودار تكليف.
(قال سعد: فتغير لذلك لوني) دل على أنه فهم من التكلم ما ذكرنا لا ما ذكره المعاصر وإلا لما كان للاستبعاد والتغير وجه ولا لقوله:
(وقلت: هذا شيء لا أستطيع أنا أتكلم به في الناس) وجه لأن الشيعة كلهم قائلون بتكلمه على ما ذكره ذلك المعاصر، وكذا العامة إلا في الولاية ونحوها.
(فقال أبو جعفر (عليه السلام): وهل الناس إلا شيعتنا) الاستفهام للإنكار أي ليس الناس الموصوفون بحقيقة الإنسانية إلا شيعتنا وهم يقبلون منا وإما غيرهم فهم نسناس وبهائم في صورة الناس، فطمع القبول منهم كطمعه منها.
(فمن لم يعرف الصلاة) بالوصف المذكور وهو أنها تتكلم ولها صورة وخلق تأمر وتنهى (فقد أنكر حقنا) لرده قولنا بأنها بذلك الوصف وبإنكاره تكلمه بحقنا.
(والفحشاء والمنكر رجال) تنكيرهم للتحقير أو للتكثير وأوائلهم أولهم بهذا الاسم لأن كل من سواهم من الخلفاء الأموية والعباسية والجابرين إلى يوم القيامة واتباعهم نشأوا من جورهم.
(ونحن ذكر الله) لأن الناس بنا يذكرون الله ويعبدونه.
(ونحن أكبر) من أن يذكر وصفنا الواصفون ويعرف قدرنا العارفون، وقد دلت على أنه لا يمكن معرفة وصفهم وحقيتهم روايات أخر مذكورة في محلها.
* الأصل:
2 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عن آبائه (عليهم السلام) قال:
(قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيها الناس إنكم في دار هدنة، وأنتم على ظهر سفر والسير بكم سريع، وقد