(فأعدوا الجهاز لبعد المجاز) أي لبعد الطريق وطول السفر المفتقر إلى تحمل الزاد الكافي فيه. وجهاز المسافر بالكسر والفتح ما يحتاج إليه في سفره، والمراد به هنا الطاعات والعبادات المفروضة والمندوبة.
(وما دار الهدنة) سأل عن تفسيرها لكونها مبهمة محتملة لوجوه (قال: دار بلاغ) إلى حين (وانقطاع) منها إلى الآخرة والبلاغ بالفتح اسم لما يتبلغ ويتوصل به إلى الشيء المطلوب، وبالكسر مصدر بمعنى الإجتهاد يقال: بالغ مبالغة وبلاغا إذا اجتهد. (فإذا التبست عليكم الفتن) في الدين بعدي بافتراء المفترين وانتحال المبطلين.
(كقطع الليل المظلم) شبه الفتن بها في كونها مظلمة سوداء، تعظيما لشأنها أو في أنها ساترة للمقصود مانعة من الاهتداء إليه. والوجه في المشبه به حسي وفي المشبه عقلي (فعليكم بالقرآن) أي ألزموا أحكامه وما نطق به ولا تتعدوه.
(فإنه شافع) لمن تمسك به وعمل بما فيه (مشفع) مقبول الشفاعة والمشفع بشد الفاء المفتوحة من تقبل شفاعته، وبكسرها من يقبل الشفاعة.
(وما حل مصدق) المحل الجدال والسعاية. محل به إذا سعى به إلى السلطان، يعني أنه مجادل مخاصم لمن رفضه وترك العمل بما فيه أوساع يسعى به إلى الله عز وجل مصدق فيما يقول. (ومن جعله أمامه) بأن يقر به ويعتقد بحكمه ويعمل ما فيه (قاده إلى الجنة) وأنزله في المقام اللائق بحسب اجتهاده.
(ومن جعله وراء ظهره) بإنكاره أو ترك العمل بما فيه (ساقه إلى النار) نسبة القود والسوق إليه مجاز كنسبة الفعل إلى السبب أو حقيقة باعتبار أنه يصور بصورة إنسانية في القيامة كما مر (وهو الدليل) يدل الحائرين في بيداء الضلالة والجهالة.
(إلى خير سبيل) يوصل إلى الكرامة والسعادة (وهو كتاب) رفيع الشأن عظيم القدر لا يبلغ كنه حقائقه إلا الراسخون في العلم.
(فيه تفصيل وبيان وتحصيل) لاشتماله على تفاصيل العلوم والأخلاق والآداب وغيرها، وبيان كل ما يتم به نظام الخلق في الدنيا، وتحصيل الأمور يعني تحقيقها واثباتها من حصلت الأمر إذا حققته وأثبته.
(وهو الفصل) أي الفاصل بين الحق والباطل (ليس بالهزل) لأنه جد كله والهزل واللعب من واد واحد، وهو ضد الجد.
(وله ظهر وبطن) من طريق العامة (ما نزل من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن) قال ابن الأثير في