إن كنت تزعم حبي فلم جفوت كتابي * أما تدبرت فيه من لذيذ خطابي فانتبهت فزعا وعدت إلى قراءتي.
(فإن القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة نظر إليها الخلق) تصويره بالصورة المذكورة أمر ممكن كتصوير الأعمال والأعراض بالأجسام كما نطقت به رواياتنا وروايات العامة، وذهب إليه المحققون من الطرفين فوجب أن لا يستبعد ولا ينكر تعلق القدرة القاهرة به، قال صاحب كتاب إكمال الإكمال لشرح مسلم: القرآن يصور بصورة ويجيء بها يوم القيامة، ويراها الناس كما تجعل الأعمال صورا، وتوضع في الميزان، ويقع فيها الوزن والقدرة صالحة لإيجاد كل ممكن والإيمان به واجب. انتهى كلامه بعبارته وإنما كان صورته أحسن الصور لأنه كلام رب العزة وهو أحب الخلق إليه فألبسه صورة هي أحسن الصور وأحبها لديه، وأيضا حسن الصورة في يوم القيامة تابع للكمال وكل كمال صوري ومعنوي موجود فيه هذا، وقيل: هذه الصورة هي صورة المسلمين على تقدير رعايته حق الرعاية والإتيان بجميع ما فيه ولكن لما لم يتيسر لهم جميع ذلك رأوه بصورتهم التي كانت لهم على تقدير الإتيان.
والظاهر أن صورة خاتم الأنبياء أحسن منه، لأن وجوده تابع لوجوده، ولولا وجوده (صلى الله عليه وآله) لم يوجد أحد من الممكنات، فوجوده أحب إليه عز وجل من جميع الممكنات. (والناس صفوف) وكذا الملائكة كما يوميء إليه والواو للحال.
(مائة وعشرون ألف صف) (كذا) بيان لصفوف أو خبر بعد خبر (ثمانون ألف صف امة محمد (صلى الله عليه وآله)) الأمة يطلق على شيعته وأتباعه وعلى عموم أهل دعوته، فيندرج فيها أصناف أهل الكفر وأكثر استعمالها في الأحاديث المعنى الأول، ولا يبعد أن يكون المراد هنا هو المعنى الثاني (وأربعون ألف صف من سائر الأمم) الكلام في الأمة كالسابق.
(فيأتي على صف المسلمين) أي من هذه الأمة على الظاهر والتعميم محتمل، والمراد بهم بعضهم الواقفون في صف واحد بقرينة الشهداء، وفي على دلالة على الإشراف والإستعلاء الموجب لرؤية الجميع. (في صورة رجل فيسلم فينظرون إليه) في التسليم بشارة لأن السلامة من الآفات دليل واضح على النجاة.
(ثم يقولون: لا إله إلا الله الحليم الكريم) فيه مع قصد التوحيد تعجب من صنعه وتوقع لكرمه وعفوه عن التقصير في العمل بالنسبة إلى عمل من رأوه كما صرحوا به.
(إن هذا الرجل من المسلمين) قالوا ذلك لأنهم رأوه في صفهم (نعرفه بنعته وصفته) خبر آخر والنعت وصف الشيء بما فيه من حسن، ولا يقال في القبيح. والصفة وصف الشيء بما فيه من