حسن أو قبح، فهي أعم من النعت، والمراد هنا الأول ولعل المقصود أنا نعرفه بهذا الوصف، وهو كونه من المسلمين (غير أنه كان أشد اجتهاد منا في القرآن) أي في تعلمه ومدارسته والعمل بما فيه وفيه دلالة على ما ذكرنا من أن حسن الصورة تابع لكمال العلم.
(ثم يجاوز حتى يأتي على صف الشهداء) الظاهر أنهم كل من قتل بين يدي الإمام وشمول كل من له ثواب الشهداء محتمل.
(نعرفه بسمته وصفته) في المغرب السمت الطريق ويستعار لهيئة أهل الخير، فيقال: ما أحسن سمته (فيكثر تعجبهم) منشأ التعجب مشاهدة أمر غريب عظيم القدر فائق في الحسن والبهاء رائق في النور والضياء مع خفاء سببه وحقيقته.
(إن هذا لنبي مرسل) في ظننا بسبب كونه في صورة نبي مرسل، كما مر فلا يلزم الكذب (نعرفه بسمته وصفته) وهي كونه من صنف الأنبياء والمرسلين (غير أنه أعطي فضلا كثيرا) امتاز به عن سائر الأنبياء.
(ويقولون: يا محمد من هذا؟) الذي يمتاز عن سائر الأنبياء بالحسن والبهاء سألوا عن أصله ونسبه واسمه (فيقول لهم: أو ما تعرفونه؟) الاستفهام للتعجب والواو للعطف على محذوف يعني أتسألون عنه وما تعرفونه.
(فيقولون: ما نعرفه) بخصوصياته الموجبة لتعينه (هذا من لم يغضب الله عليه) يعني إنما نعرفه بهذا الوجه الذي لا يفيد تعيينه وهو أنه لم يفعل شيئا يوجب غضب الله عليه ولو كان ترك الأولى فيقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذا حجة الله على خلقه فعلموا أنه القرآن لشيوع اطلاق الحجة عليه أو أبهم (عليه السلام) لمصلحة اطلاق الحجة على غيره أيضا شائع، ووجه كون القرآن حجة الله على العباد أنه يخبرهم بكل ما أراد الله تعالى منهم مما له مدخل في نظام دينهم ودنياهم.
(ويقولون تعالى ربنا وتقدس) أي تعالى في الشرف والرتبة عن وصف الواصفين ونعت الناعتين وتطهر عن النقائص والتشابه بالمخلوقين.
(ثم يجاوز حتى ينتهي إلى رب العزة) أي إلى عرشه أو محل مناجاته نظيره قول إبراهيم (عليه السلام):
(إني ذاهب إلى ربي) أي معبد ربي أو محل عبادته وقول موسى (عليه السلام): (عجلت إليك رب لترضى) أي إلى محل مناجاتك وهو الطور.
(واشفع تشفع) شفع كمنع شفاعة طلب العفو عن ذنب أحد وشفعته تشفيعا قبلت شفاعته (كيف رأيت عبادي؟) في صونك وحفظك وتلاوتك ومدارستك وامتثال ما أمرت به ونهيت عنه.
(فيقول: يا رب منهم من صانني) عن تحريف الغالين وانتحال المبطلين (وحافظ علي)