شبهه بالتاجر في أنه يشتري بعمله الثواب والعقاب.
(وأنا وراءك اليوم) الوراء الخلف، والقدام ضد، يعني أنا خلفك أو قدامك نحفظك من الأهوال والمكاره، ونسوقك إلى الجنة (فزده مزيد الخير كله) المزيد والزيادة بمعنى وفي ذكره إيماء إلى طلب الزيادة الموعودة في قوله تعالى (ولدينا مزيد) مع ما فيه من المبالغة كما في التأكيد (لأنحلن له اليوم خمسة أشياء) نحله ينحله كنصره نحلا بالضم أعطاه، والاسم النحلة بالكسر والضم وهي العطاء والعطية، وأنحله أعطاه مالا خصه بشيء منه كنحله بالتشديد فيهما، فيجوز في الفعل المذكور ثلاثة أوجه.
(مع المزيد له) دل على أن المزيد غير ما أعطاه سابقا وغير هذه الخمسة، ولعل المراد به النعماء الغير المحصورة في الجنة أو تجليات الحق وأنواره كما يكون للأنبياء والأوصياء.
(ولمن كان بمنزلته) عطف على له في قوله «لأنحلن له» لا في قوله «سمع المزيد له» مع احتماله ويظهر الفرق بالتأمل (إلا أنهم شباب لا يهرمون) الشباب الفتيان وأيضا جمع شاب وهو المراد هنا (وأحياء لا يموتون) لعل المراد بالحياة الحياة الطيبة، وهي التي لا تعب ولا مشقة ولا كدرة معها، فلا يرد أن أهل النار أيضا أحياء لا يموتون، فإن حياتهم مكدرة شبيهة بالموت (ثم تلا هذه الآية (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) تشبيه الموت بالمطعوم مكنية والذوق، وهو إدراك طعم الشيء تخييلية وقد يجعل كناية عن العلم كالشم في قولنا فلان لم يشم هذه المسئلة والضمير للجنة والاستثناء إما متصل يعني لا يعلمون في الجنة الموت الواقع في أحد الأزمنة ولا يتعقلونه إلا الموتة الأولى، وهي التي بعد الحياة الدنيوية والقبرية أو منقطع يعني لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى، أو أمكن ذوقها ولكنه ممتنع لأن الموتة التي قدر وقوعها وذوقها في زمان ماض لا يمكن وقوعها وذوقها في المستقبل، فهو من باب التعليق بالمحال، والمقصود على التقديرين نفي الموت منهم وثبوت الحياة الأبدية لهم.
ورام بعض المفسرين، ومنهم القاضي جعل الاستثناء متصلا، فقالوا: تارة الضمير للآخرة والموت أول أحوالها، وقالوا: تارة للجنة والمؤمن يشارفها بالموت ويشاهدها عنده، فكأنه فيها.
وظني أن فيهما تكلفا، أما في الأول فلأن الظاهر بل المتعين أن الضمير للجنة وأما في الثاني فلأن مجاز المشارفة والظرفية المجازية خلاف الظاهر.
(قال: قلت جعلت فداك يا أبا جعفر، وهل يتكلم القرآن؟) قوله «وجعلت فداك» ليس في بعض النسخ والواو إما زائدة أو للعطف على مقدر - أي أتقول ذلك - وهل يتكلم القرآن، والظاهر أن المراد بالتكلم باللسان، وأن سعدا لم يشك فيه بعد سماعه من المعصوم (عليه السلام)، وإنما سأل لتقريره