(حتى يبلغ كل رجل منهم منزلته التي هي له فينزلها) الفعلان وهما يبلغ وينزل، إما من البلوغ والنزول، أو من الإبلاغ والإنزال، وكل رجل على الأول فاعل، وعلى الثاني مفعول.
* الأصل:
12 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد، جميعا، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن يونس بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): (إن الدواوين يوم القيامة ثلاثة: ديوان فيه النعم وديوان فيه الحسنات وديوان فيه السيئات، فيقابل بين ديوان النعم وديوان الحسنات، فتستغرق النعم عامة الحسنات، ويبقى ديوان السيئات فيدعى بابن آدم المؤمن للحساب فيتقدم القرآن أمامه في أحسن صورة، فيقول: يا رب أنا القرآن، وهذا عبدك المؤمن قد كان يتعب نفسه بتلاوتي، ويطيل ليلة بترتيلي، وتفيض عيناه إذ تهجد، فأرضه كما أرضاني، قال: يقول العزيز الجبار: عبدي ابسط يمينك فيملأها من رضوان الله العزيز الجبار، ويملأ شماله من رحمة الله، ثم يقال: هذه الجنة مباحة لك، فأقرأ واصعد، فإذا قرأ آية صعد درجة).
* الشرح:
قوله: (إن الدواوين يوم القيامة ثلاثة) في مصباح اللغة الديوان جريدة الحساب، ثم أطلق على موضع الحساب، وهو معرب، والأصل دوان فأبدل من أحد المضعفين ياء للتخفيف، ولهذا يرد في الجمع إلى أصله دواوين وبالتصغير دويوين لأن التصغير وجمع التكسير يردان الأسماء إلى أصولها، ودونت الديوان أي وضعته وجمعته.
(فتستغرق النعم عامة الحسنات) أي جميعها، وفي لفظ الاستغراق إيماء إلى أنه يبقى بعض النعم، بل أكثرها بلا مقابل له من الحسنات أي جميعها.
(ويطيل ليله بترتيلي) في الصحاح الترتيل في القراءة الترسل والتبيين بغير بغي وكلام رتل بالتحريك أي مرتل، وفي القاموس الرتل محركة حسن تناسق الشيء، والحسن من الكلام، والطيب من كل شيء، ورتل الكلام ترتيلا أحسن تأليفه، وترتل فيه ترسل. وفي النهاية الترتيل الجودة، وتبيين الحروف بحيث يتمكن السامع عندها، وقال بعض الأصحاب: هو حفظ الوقوف وأداء الحروف أي كمال أدائها.
والإطالة كناية عن السهر وترك النوم، لأن الليل عند الساهر طويل. (وتفيض عيناه إذا تهجد) التهجد النوم في الليل، والإستيقاظ فيه ضد والمراد هنا هو الثاني. (فأرضه كما أرضاني.. إلى آخره) تلاوته وترتيله من جملة الحسنات التي قوبلت بالنعماء لكن شفاعته المقبولة سبب للنجاة