كيف رغبتك فيما عندي، لكل عامل جزاء وقد يجزى الكفور بما سعى.
يا موسى طب نفسا عن الدنيا وانطو عنها فإنها ليست لك ولست لها، مالك ولدار الظالمين؟
إلا لعامل فيها بالخير فإنها له نعم الدار.
يا موسى ما آمرك به فاسمع ومهما أراه فاصنع، خذ حقائق التوراة إلى صدرك وتيقظ بها في ساعات الليل والنهار ولا تمكن أبناء الدنيا من صدرك فيجعلونه وكرا كوكر الطير.
يا موسى أبناء الدنيا وأهلها فتن بعضهم لبعض فكل مزين له ما هو فيه والمؤمن من زينت له الآخرة فهو ينظر إليها ما يفتر، قد حالت شهوتها بينه وبين لذة العيش فأدلجته بالاسحار كفعل الراكب السائق إلى غايته يظل كئيبا ويمسي حزينا فطوبى له لو قد كشف الغطاء ماذا يعاين من السرور.
يا موسى الدنيا نطفة ليست بثواب للمؤمن ولا نقمة من فاجر فالويل الطويل لمن باع ثواب معاده بلعقة لم تبق وبلسعة لم تدم (1) وكذلك فكن كما أمرتك وكل أمري رشاد.
يا موسى إذا رأيت الغنى مقبلا فقل: ذنب عجلت لي عقوبته وإذا رأيت الفقر مقبلا فقل: مرحبا بشعار الصالحين ولا تكن جبارا ظلوما ولا تكن للظالمين قرينا.
يا موسى ما عمر وإن طال يذم آخره وما ضرك ما زوي عنك إذا حمدت مغبته يا موسى صرخ الكتاب إليك صراخا بما أنت إليه صائر فكيف ترقد على هذا العيون؟ أم كيف تجد قوم لذة العيش لولا التمادي في الغفلة والاتباع للشقوة والتتابع للشهوة؟ ومن دون هذا يجزع الصديقون.
يا موسى مر عبادي يدعوني على ما كان بعد أن يقروا إلي أني أرحم الراحمين، مجيب المضطرين وأكشف السوء وأبدل الزمان وآتي بالرخاء وأشكر اليسير وأثيب الكثير وأغني الفقير وأنا الدائم العزيز القدير، فمن لجأ إليك وانضوى إليك من الخاطئين فقل: أهلا وسهلا يا رحب الفناء بفناء رب العالمين واستغفر لهم وكن لهم كأحدهم ولا تستطل عليهم بما أنا أعطيتك فضله وقل لهم فليسألوني من فضلي ورحمتي فإنه لا يملكها أحد غيري وأنا ذو الفضل العظيم.
طوبى لك يا موسى كهف الخاطئين وجليس المضطرين ومستغفر للمذنبين، إنك مني بالمكان الرضي فادعني بالقلب النقي واللسان الصادق وكن كما أمرتك أطع أمري ولا تستطل على عبادي بما ليس منك مبتدأه وتقرب إلي فإني منك قريب فإني لم أسألك ما يؤذيك ثقله ولا حمله إنما سألتك أن تدعوني فأجيبك وأن تسألني فأعطيك وأن تتقرب إلي بما مني أخذت تأويله وعلي تمام تنزيله.