شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١١ - الصفحة ٢٢٧
إليه بتقدير اللام المفيدة للاختصاص تقتضي ذلك وأشار إلى الثانية بقوله: (وثقة الهارب اللاجي) الثقة مصدر بمعنى: الأحكام والاعتماد وغير مصدر بمعنى المحكم والمعتمد، والظاهر أن المراد هنا هو الثاني يعني أن التقوى ثقة للهارب من المكاره والعقوبات في الدنيا والآخرة واللاجي إلى الله منها وإلى هاتين الغايتين أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبه بقوله: «فإن التقوى في اليوم الحرز والجنة وفي غد الطريق إلى الجنة» أراد باليوم مدة الحياة وبالغد القيامة يعني أن التقوى في حال الحياة حرز من المكاره وفي الآخرة حرز من العقوبات والشدائد كما ينطق به قوله تعالى:
(ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) حيث دل على أن التقوى مناط للخروج من المضائق والمفاسد والوصول إلى المنافع والفوائد ثم أمر بالتزامها بقوله: (واستشعروا التقوى شعارا باطنا) الشعار بالكسر وقد يفتح الثوب الذي تلى الجسد لأنه يلي شعره واستشعره لبسه وشعارا إما حال عن التقوى أو مفعول بتضمين معنى الجعل والإتخاذ وإطلاقه على التقوى على وجه استعارته من الثوب لها والوجه ملازمة الجسد والإحاطة به مع الإشعار بلزوم خفائها وخلوصها عن الرياء والسمعة كخفاء الشعار بالدثار وفي وصفه بالباطن لقصد الإيضاح إيماء إليه ثم أمر بعد الحث على التقوى بما هو عبادة وأصل لجميع العبادات بل هو روح لها بقوله:
(واذكر الله) بالقلب واللسان وعند الطاعة والمعصية (ذكرا خالصا) من الرياء والسمعة فإنكم إن ذكرتموه (تحيوا به أفضل الحياة) في الجنة مع الأبرار أو أراد به حياة القلب بروح الأذكار (تسلكوا به طريق النجاة) من العقوبات وهي طريق الجنة فإن الذكر مع كونه عبادة وسببا لسلوك طريقتها سبب أيضا لكمال غيره من العبادات الباعثة للنجاة (انظروا في الدنيا نظر الزاهد المفارق لها) أمر بترك الدنيا واحتقارها إلا بمقدار الضرورة، علل ذلك بذكر معايبها المنفرة عنها بقوله:
(فإنها تزيل الثاوي الساكن) أي تزيل المقيم الساكن المطمئن إليها عما ركن إليه منها (وتفجع المترف الأمن) الفجع: الإيجاع والإيلام فجعه كمنعه أوجعه كفجعه والترفة بالضم: النعمة والطعام الطيب والشيء الطريف أترفته النعمة أطعمته والمترف كمكرم المتروك يصنع ما يشاء والمتنعم لا يمنع من تنعمه الحياء. أي الدنيا تفجع المتنعم بها الذي خدعته بأمانيها بسلب ما ركن إليه وأمن عليه زوال ماله وتغير حاله أو المراد بالأمن الأمن من الموت وما بعده فإن المترف الغافل حال إنهماكه في لذات الدنيا لا يعرض له خوف الموت بل يكون في تلك الحال آمنا منه (ولا يرجى منا ما تولى فأدبر) أي أعرض وولى الدبر من شباب وصحة ومال وعمر ونحوها.
(ولا يدري ما هو آت منها فينتظر) إذ لا علم بالمستقبل منها من خير فينتظر وروده ولا من شر فيحترز منه (وصل البلاء منها بالرخاء والبقاء منها إلى فناء) وصل الشيء بالشيء وصلا وصلة بلغة وانتهى إليه وفيه تحريك للغافل بأن لا يرضى بالرخاء المتصل بالفناء.
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب فضل القرآن 3
2 باب فضل حامل القرآن 22
3 باب من يتعلم القرآن بمشقة 31
4 باب من حفظ القرآن ثم نسيه 32
5 باب في قراءته 35
6 باب البيوت التي يقرأ فيها القرآن 36
7 باب ثواب قراءة القرآن 38
8 باب قراءة القرآن في المصحف 43
9 باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن 44
10 باب فيمن يظهر الغشية عند [قراءة] القرآن 52
11 باب في كم يقرأ القرآن ويختم 53
12 باب أن القرآن يرفع كما أنزل 56
13 باب فضل القرآن 57
14 باب النوادر 71
15 كتاب العشرة 89
16 باب ما يجب من المعاشرة 89
17 باب حسن المعاشرة 92
18 باب من يحب مصادقته ومصاحبته 94
19 باب من تكره مجالسته ومرافقته 98
20 باب التحبب إلى الناس والتودد إليهم 105
21 باب إخبار الرجل أخاه بحبه 107
22 باب التسليم 108
23 باب ن يجب ان يبدأ بالسلام 114
24 باب 116
25 باب التسليم على النساء 117
26 باب التسليم على أهل الملل 118
27 باب مكاتبة أهل الذمة 123
28 باب الاغضاء 123
29 باب العطاس والتسميت 125
30 باب وجوب إجلال ذي الشيبة المسلم 132
31 باب اكرام الكريم 133
32 باب حق الداخل 134
33 باب المجالس بالأمانة 134
34 باب في المناجاة 136
35 باب الجلوس 138
36 باب الاتكاء والاحتباء 142
37 باب الدعابة والضحك 144
38 باب حق الجوار 149
39 باب حد الجوار 156
40 باب حسن الصحابة وحق الصاحب في السفر 157
41 باب التكاتب 158
42 باب النوادر 159
43 باب 162
44 باب النهي عن احراق القراطيس المكتوبة 165
45 كتاب الروضة 167
46 صحيفة علي بن الحسين عليهما السلام وكلامه في الزهد 214
47 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 229
48 الخطبة الطالوتية 296
49 حديث أبي عبد الله (عليه السلام) مع المنصور في موكبه 315
50 حديث موسى (عليه السلام) 335
51 رسالة أبي جعفر (عليه السلام) إلى سعد الخير 373
52 رسالة منه (عليه السلام) إليه أيضا 386
53 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 393
54 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 403
55 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 414
56 حديث علي بن الحسين (عليهما السلام) 422
57 حديث النبي (صلى الله عليه وآله) حين عرضت عليه الخيل 426
58 كلام علي بن الحسين (عليه السلام) 433
59 حديث الشيخ مع الباقر (عليه السلام) 444
60 قصة صاحب الزيت 447
61 وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) 449
62 حديث البحر مع الشمس 462
63 حديث الطبيب 470
64 حديث الحوت على أي شيء هو 472
65 حديث الأحلام والحجة على أهل ذلك الزمان 474
66 فهرس الآيات 481