المستثنى منه; لأن المستثنى منه أهل الوعيد دون المستثنى، ومن شرط الاتصال أن يدخل فيه المستثنى لو لم يخرج، وفي ذكر العفو وكلمة الأطماع وهي عسى تنبيه على أن أمر الهجرة خطير مضيق لا توسعة فيه حتى أن المضطر من حقه أن يترقب العفو ولا يأمن وينبغي أن يعلق قلبه بها.
ولعل المراد بالولدان الأطفال والصبيان (1) كما في هذه الرواية وغيرها، وإنما ذكرهم مع أنهم لم يبلغوا حد التكليف أصلا; لأن السبب في سقوط التكليف هو العجز، وأنه حاصل فيهم فحسن استثناؤهم بهذا الوجه، وقيل المراد بهم العبيد، وقيل المراد بهم المراهقون الذين عقلوا ما يعقل الرجال والنساء حتى يتوجه التكليف عليهم فيما بينهم وبين الله، وقيل استثناؤهم للمبالغة في الأمر والاشعار بأنهم على صدد وجوب الهجرة، فإنهم إذا بلغوا وقدروا عليها فلا محيص لهم عنها، وأن قوامهم يجب عليهم أن يهاجروا بهم متى أمكنت، وقال أرباب التأويل: الموصول هم الذين رفضوا الحق واتبعوا الباطل فظلموا أنفسهم فيقول الملائكة: (فيم كنتم) أي في أي غفلة كنتم تضيعون أعماركم وتبطلون استعدادكم الفطري، وفي أي واد من أودية الهوى تهيمون. فيقولون:
كنا مستضعفين عاجزين لاستيلاء النفس الأمارة، وغلبة الهوى فيقول الملائكة: (ألم تكن أرض الله) أي أرض القلوب (واسعة) فتخرجوا عن مضيق ما كنتم فيه. ثم استثنى ضعفاء العقول الذين