عز وجل: " يومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء (1) " يعني نصر فاطمة لمحبيها (2).
54 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب الخزاز قال: سمعت أبا عبد الله
(١) الروم: ٣ و 4.
(2) اعلم أنه قد ورد عن النبي صلى الله عليه وآلهوأهل بيته عليهم السلام أخبار كثيرة جدا تربوا على مئين تفيد على اختلاف مضامينها وتعبيراتها ان بين وجود الواجب ووجود الممكنات مرتبة من الوجود شريفة منها ترشح وجودها وفيها جرى الفيض من مبدئه عليها وقد عبر في جلها انه تعالى خلق من نوره هذا النور - وقد تقدس نوره عن ظلمة المادة وغواشيها - ثم خلق من هذا النور أنوارا اخر أو شقه فأوجدها منه ونحو هذا النهج من التعبير وفى بعضها ان القلم واللوح خلقا من هذا النور وقد مضى شطر يسير منها في هذا الكتاب وقد أنكر بعض من لم يرزق بصيرة في دينه تلك الروايات الجمة بل المتواترة وردها ونسبها إلى جعل الجاعلين وغلو الغالين وأوهام المتصوفين ولو رد علمها إلى أهله وسكت عن القول فيها بالاثبات والانكار لكان أحسن وأحوط. فليس في وسع الباحث الحازم والمحقق المنصف أن يرسل عنان القلم واللسان في هذا الميدان بل عليه اعمال غاية التثبت وبذل نهاية الجهد وان لم ينل بعد بغيته ولم يظفر على ما يشفى علته ويروى غلته فلا يتركن الاحتياط ولا يدعن الحزم وليأخذ بالأحوط الأحزم فإنه الطريق الأسلم فللعالم أسرار و لظواهره حقائق وللكل أهل وكل ميسر لما خلق له.
وكيف كان فلا يسعنا معشر الآخذين بأذيال أهل البيت عليهم السلام الا الخضوع تجاه علومهم الذاخرة وحكمهم الغزيرة وكلماتهم المكنونة وبياناتهم الشافية فان وافق ظواهر كلماتهم الباهرة البرهان موافقة ندركها وتصدقها الأجنان وإلا فالتوقف حتى يكشف القناع عن وجه الحق فيشاهد بالعيان. وقد تطابق العقل والنقل والبيان والبرهان كما ادعى عليه الكشف والعيان والشهود و الوجدان.
على أن في باطن هذا العالم عالما أشرف وأكمل وكذا في باطنه حتى ينتهى إلى الحق الأول وقد سميت تلك العوالم في الروايات بالغيب والنور والروح والذر وأشباهها وقد عبر عنها أصحاب الحكمة المتعالية بمراتب الوجود المشككة وكلما أمعن في البطون وارتفع سنام الوجود اشتد وحدته وبساطته حتى يصل إلى الواحد الاحد جل شأنه وعلى هذا فما صدر عنه في طليعة الممكنات موجود واحد شريف في غاية النورية والبهجة وله ظهور في كل عالم بحسبه ولا غرو أن يكون مظهره في عالم الطبيعة جسم النبي صلى الله عليه وآله ثم الولي الذي نفسه وبنته التي هي بضعة منه والأئمة المعصومين المولودين بواسطتها عنه وكلهم نور واحد فافهم ولعلك بما ذكر تقدر على حل ما أشكل عليك من تلك الأخبار الحاكية عن بعض ما في الوجود من الحقائق والاسرار والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم. (م)