معاني الأخبار - الشيخ الصدوق - الصفحة ٣٩٦
ابن محمد بن قتيبة قال: حدثنا حمدان بن سليمان النيسابوري، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام، يقول: أفعال العباد مخلوقة. فقلت له:
يا ابن رسول الله وما معنى " مخلوقة "؟ قال: مقدرة. (1) 53 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل - رضي الله عنه - قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن يعقوب بن يزيد، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن سدير الصيرفي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خلق نور فاطمة عليها السلام قبل أن تخلق الأرض والسماء.
فقال بعض الناس: يا نبي الله فليست هي إنسية؟ فقال صلى الله عليه وآله: فاطمة حوراء إنسية قال: يا نبي الله وكيف هي حوراء إنسية؟ قال: خلقها الله عز وجل من نوره قبل أن يخلق آدم إذ كانت الأرواح فلما خلق الله عز وجل آدم عرضت على آدم.
قيل: يا نبي الله وأين كانت فاطمة؟ قال: كانت في حقة تحت ساق العرش، قالوا: يا نبي الله فما كان طعامها؟ قال: التسبيح، والتهليل، والتحميد. فلما خلق الله عز وجل آدم و أخرجني من صلبه أحب الله عز وجل أن يخرجها من صلبي جعلها تفاحة في الجنة و أتاني بها جبرئيل عليه السلام فقال لي: السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا محمد، قلت: وعليك السلام ورحمة الله حبيبي جبرئيل. فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام. قلت: منه السلام وإليه يعود السلام. قال: يا محمد إن هذه تفاحة أهداها الله عز وجل إليك من الجنة فأخذتها وضممتها إلى صدري. قال: يا محمد يقول الله جل جلاله: كلها. ففلقتها فرأيت نورا ساطعا ففزعت منه فقال: يا محمد مالك لا تأكل؟ كلها ولا تخف، فإن ذلك النور المنصورة في السماء وهي في الأرض فاطمة، قلت: حبيبي جبرئيل، ولم سميت في السماء " المنصورة " وفي الأرض " فاطمة "؟ قال: سميت في الأرض " فاطمة " لأنها فطمت شيعتها من النار وفطم أعداءها عن حبها، وهي في السماء " المنصورة " وذلك قول الله

(1) وقال تعالى: " الله خالق كل شئ " وقال " والله خلقكم وما تعملون " ومخلوقية أفعال العباد للحق لا تنافى كونها باختيارهم ومستندة إلى إرادتهم، لان معنى المخلوقية انها من حيث هي أمور ممكنة في حد نفسها تحتاج إلى العلة وسلسلة العلل تنتهي إلى الحق تعالى لا محالة، وبنظر أدق ينحصر الفاعل الذي منه الوجود به سبحانه كما برهن عليه في محله لكن الأمور إنما تستند إليه سبحانه بحدودها فما فرض اختياريا أي صادرا عن الانسان بعلم وإرادة يستند إليه سبحانه بحدوده وقيوده أي بقيد كونه اختياريا للانسان وقد أشار عليه السلام إليه بقوله " مقدرة " وبعبارة أخرى الجزء الأخير من العلة التامة للأفعال الاختيارية إرادة الفاعل ولن تنفك عنها أبدا لكن يتعلق بهذا الفعل بخصوصياته إرادة الحق سبحانه ولا تعارض بين الإرادتين لكونهما طوليتين.
وان شئت مزيد الوضوح فاعتبر ذلك من نفسك فان نسبة النفس إلى الصور العلمية التي توجدها في الذهن مثال جلى لذلك " والله المثل الأعلى " فإذا تصورت صورة انسان يتروى ويتردد في شرب كأس من خمر مثلا لم يختار الشرب على الترك ويشربها فإنما أوجدت في ذهنك صورة انسان يعصى بسوء اختياره فهو وفعله يستندان في وجودهما إليك لأنك أوجدت صورته وفعله من شؤونه مع أن عصيانه لا يستند إليك ولا يوجب استناد وجوده إليك ان لا يكون مختارا في فعله كيف وقد تصورت وفرضت أنه مختار. وهذا مراد من قال: " فالفعل فعل الله وهو فعلنا " والله الهادي. (م)
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»
الفهرست